أدبيات الصحيفة

“أمنية”

 بقلم الاستاذة :وفاء بنت سالم

#عزيزي أيها السوداوي
في الواقع تحز على روحك بعض الخيارات والأخبار،لكنك لا تستطيع أن تفعل معها شيئًا، كأن يتحدث إليك شخصٌ تهتم بأمره بطريقةٍ وقحة وعجرفة بشعة، أو تسمع من أحدهم رغبته الملحة في الموت ،وحديثه عنه كأنه أمرًا سيحدث ما أن يتحدث عنه ،تشعر حينها كأن قلبك يتقاطر وكل قطرة رصاصة تمزق نيط من نياطك “عروق قلبك كما تصفها أُمي” بينما الآخر يظل محتفظًا برغبته دون النظر للخوف، القلق الذي يسور روحك..
هكذا أنت..
كائن وحشي بهيئة بشرية تُطلق رصاصات الموت حولك دون أن تصلك رصاصة واحدة ستجد فيها رحمة تنتظرها..
لم يحدث أن حاولت أن تفهم سرية خوفي عليك، والرعب الذي يُحدثه هذا الخوف كلما قلت أنك تشعر بالحزن الشديد وبنفس الشدة ترغب بالموت، لكنني كنت حينها أشعر بخوف أثر هذا الحزن على عروقك التي تحاول يائسًا أن تُقبرها لتقبر جسدك التعس تحت الأرض..
كم يرتعش جسدي كُلما سألتك :كيف أنت وكم أشعر بغصةٍ مؤلمة كلما أجبتني :أشعر بالحزن الشديد، والسواد يلتف بي..
ورغم ذلك لا أستطيع أن أقتلعك من كل ما يحدث، ولا أستطيع أن أمنحك أُمنيتك الوحيدة والأثيرة لنفسك “الموت”..
وتكرر ليس كل حزن مؤلم تستطيعين فهمه أو الشعور به، واسأل نفسي حينها وأجنحة قلبي تُصفق حزنًا :ألا يُعد كل ما أمارسه معك من أسئلة ،خوف،قلق إحساسًا بما يحدث لك ؟
أم أن كل ما تراه مني من إهتمام بالنسبة لك خطيئة كبرى لا يغتفرها لي مزاجك السوداوي..
إن إحساسي بك إنغرس في قلبي السيء الحظ هذا منذ اللحظة التي قلت لنفسي “أن ما يحدث لك أمرًا لا يعنيني إطلاقًا” ثم أدركتُ أن ما قلته لنفسي لم أستطع أن أتمسك به، كنتُ أجد في حديثك عن الألم فصيلة أُخرى معاكسة للفصيلة البشرية التي اعتدت عليها، كنتُ أجد فيك ذئابًا تعوي ألمًا، ويزيدُ عوائها كلما إزدادت رغبتها بالموت، كنتُ أُحاول أن أقتنع بكل مخاوفك ،أفهمها وأحاول أن أحققها لك ،وأنت كنت تكشر عن أنيابك على كل محاولاتي تلك..
كنت قد تنبأت بأنك ستموت محاربًا في أرضِ معاركك التي إعتدت عليها، بكل قوتك وجبروتك وحيونتك التي تفتخر بها، لم تتصور أن تظل مقيدًا هنا معلنًا إفلاسك وانتصار الألم عليك..
لم تتصور أن تكون الحقيقة التي أخبرك عنها كل من حاربتهم في سنوات عمرك ستكون من نصيبك، لم تتصور أن ما أنت عليه الآن هو الوضع النهائي لك، لذلك كنت تجد اللذة في محاولاتك في إختيار النهاية لك وتكرارها لتنجح معك..
كنت تتعطش لهذا العذاب والسواد الذي يجعلني أزداد قلقًا عليك، وكنت تجد في تعطشك ذلك سعادة في كتابة كلمات الوداع لي..
كنت تسجد بفرح طفولي على فراش ألمك وأنت تردد كاتبًا :إنه الوداع الأبدي.
كنت تدين لجسدك بدينٍ تعلم أن الوقت وحده يستطيع تسديده له، وكنت تحاول بائسًا استعباد هذا الوقت وكلما فشلت مخططاتك تندلع في روحك سواد الحروب النفسية التي لا تتوانى في غرس أظافرها على من حولك، كنت لا تهتم بمن يهتم، وتصر بوقاحةٍ بشرية “أن لا أحدًا يهتم لأمرك” وأعترف أن هذه الوقاحة فيك هي الشيء الوحيد الذي يُشعرني بأن ثمة شيئًا إنساني فيك..
ثم لا شيء غير رغبتك بالموت..
#وفاء_سالم 🦋
#يومياتماتهم_أحد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى