مقالات مجد الوطن

أمواج

 

محمد الرياني

تطيح الأماني بالأحلام في أعماق البحر ، تضرب الأمواج بجبروتها كي يتعطل الإبحار، يأبى الهواء الشديد أن تطلق الأفواه  أصوات البحارة، تتمزق الرايات البيضاء من هول الرياح العاتية، لاتعرف السفينة أين تتجه، على متنها حمل كبير، أكثره أو بعضه يحمل نبضًا وحياة، يستطيع الربان أن يرمي كل شيء أو أن يفعل أي شيء إلا أصحاب القلوب الذين يرون أنوار الشاطئ عن قرب، ليس بينهم وبين محطة الوصول تلك المسافة التي تجعل الغرق أقرب إليهم، اثنان مختلفان على ظهر السفينة المنكوبة يحتفلان بصمت وخوف ، يخفيان قصة الحب التي انتهت بسلام على مركب يريد أن يُغرق الحب والأحلام، لاتزال رائحة العرس في ملابسهما، يتجهان إلى حفلة أخرى كي يسهرا على أصوات النوارس التي تحب الشواطئ الحالمة، فجأة! هدأ الريح، استعادت السفينة توازنها، همس في أذن حبيبته بأن هذا دعاء والديهما، قالت له: آن للحب أن يهبط بسلام على الأرض التي لاتزال تحت وطأة بقايا الأمواج، صوت صافرة الوصول أيقظ بعض النائمين الذين فكروا في الهروب من الموت وهم في سبات، انطلقوا نحو الشط غير مصدقين أنهم انتصروا على  الهبوب الذي أخفى الحيتان في الأعماق، أمسك بيد عروسه وأخذها نحو بر النجاة، كانا أول اثنين هبطا بعد رحلة شاقة، المنتظرون للعروسين طلبوا من الركاب أن يحتفلوا معهم، بقيت السفينة على المرسى، استبدلوا أعلامها البيضاء الممزقة بأخرى جديدة، نطقت الأفواه بالغناء، رفرفت الأعلام ، أحيوا ليلة للعروسين على الشاطئ، لم يدعوا للنوارس الفرصة لتنام على الرمال البيضاء، باتت ترفرف معهم بأجنحتها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى