مقالات مجد الوطن

بهجة العيش في ماضي بيش

 

هزَّني الشوقُ إلى المــاضي النضيرْ
عنـــدمــا كنت بدنـــــــــايَ صـــغــــيرْ
ذلك العهــــد الــذي عــشنـــــاه في
راحـــــــةٍ تترى وسعـــدٍ في الصـدور
إيه يا تلك الـــصّبــــاحـــــــات التي
كان مـــا فيهـــــا بـديــعــــــاً ومــــثير
إن تجلى الفجر بالنور ترى
في شهـــور البــرد نيــــرانا تُــنــيــر
ورجــــالا ونســــــــــاء تصطـــــلي
بمســـاقيـــــد تــــزيل الـــزمــهـــــرير
بعــدهــا نشــــرب قهــــوتْنــــا إلى
أن يحن وقت وميعــــــــاد الفـــطـــور
بـمغــشٍّ فيــــه تبـــــدو عَـــــزْبــــة
ذات طــعــــــم مـــالــه أيّ نــــظــــيــر
وســـــليـــــط وقـــطــــيبـــــا وكــذا حِـقـْنــةكُجَّــت بــــــأوقــــات البـكــــور
يا زمـــــانا فيــــه كنــــا نغتـــــدي
نرعى بالأغنــام في المرعى الخضور
ونقـــــضِّي الــــوقت أنْـســــــاً وبه
نُسمـــع الضـــــأن زميــــرا وصـفــير
أو نــحنّـــِبْ لـــقــــــنــانٍ فلـــــهـــا
درقٌ ننـــصـب في الــــرمـل الـــــوثير
وقُبَيل الظهــــر نســــــقي هوشنـــا
من ميــــاه الــــوادي أو مـــاء الغـدير
ونعـــد نحــــو منـــازلْـــــْنــــا وفي
حضنهـــــا نـــهنــــأ بالحــب الكبـــــير
كل فـــرد فيـــهــــــــا يــزهـــو بأبٍ
ولـــه في كـل أمــــــــرٍ يـســـــتـشـــير
وبــــأم يتبــــــــاهــــــى ولهــــــــــا
يدعـــو بالتــــوفيق مـــــولاه الـــقدير
يا زمـــــانـــا فيــــه كُنــــَّـا نهتـــني
بغــــداءٍ طــعــــمــــه يا صـــــاح غير
فحــواسي الدخــن تشجــي وكــــذا
جغــــرة اللحـــم وقرصــــــان الخـمير
ويــلـــــذٌّ الأكـــل يــا صــــــــاح إذا
وُضع المحشـــوش في قلب الحصـير
نتغــــدى في طـــــرارحـْــــنـــا وإن
أُبصِرَ الجــــــارُ حــــلـفـْنـــا أن يُـــغير
ليشـــــــاركْنـــــا غــــدانــا ويـــزد
في جـــوانحْنــا بلـــــقـــيـاه الحبــــور
آه يـــا تـلك العــــصـــــاري فلـــكَم
فيهـــا كم رحنـــا وشــدّينــــا الحمير
ووردنــــــا بــــزفــــــــــــافٍ وإلى
بئــرنـا العــــذبة جدّينـــــا المســـــير
ثم نـمــــضــــي لبــــــــــلادٍ فـنـرى
فيهـــا من يبذر في الـزّهب البــذور
ونرى النســــــوة يصــربن بهـــــا
عــــذقـا كيمــــا يحصٍّـــلن الأجــــــور
ورجــــالا قد تـــهــــادوا وانبـــروا
يخبــطــــون الحب في سفـــح الزبير
يا عـــصـــارٍ فــاتنــــات قد مـضـت وابتســـامـــاتُنــا تبدوا في الثغــــور
كم لعــبــنـــــا بالمــــداويـــم بهـــــا
وبلعـــب المـــزقـــــرا فيهـــا كثــيـر
كم تكبـّثْـــنـــــا وكـــيـــــَّـنَّـــا وكـــم
قد رجمنا البهش واصطدنا الطيـــور
كم على العــقـــــلة في العصــر بدا
يرفــع الأعـــــلام جمهــــور غــفـيـر
كم تجــلت فــــرقة النـــجــــدة كـــم
زحــلٌ أدهــش بالـفــن الحــــضـــور
كم بدا البـــاطــل يحـــي صـــائحـــاً
يطرب الأسماع بالصوت الجــهــور
وعلي العبــــــســــيُّ كـم راح وكـم
من ســعـــادتـْــه بـغتْـرتْــه يـُـشــيـر
آه يــــا تلك الـــمســـــــاءات و يــا
قمـــــراًفيهـــــا ونجْــمــــــات تنير
وعشـــــاء فيهــــــا دومـــا يزدهي
بثـــريــدٍ أو مــفــــالتْ في قـــــدور
أو على مــرزوم ينْعشْنــــــــا كمـــا
يجعـــل العــقـــل من الـطعـــم يطير
أو حــليبٍ بــــقـــريٍّ يُــحـــتــسَـــى
في صحاف مع قِرصــــان الخـضير
يا لــيـــــال فيــهــا قـد سِرنــا لـكي
نلعب الســــاري على نور البُــدير
تشــهـــــد العــــقـــــلة باللِّـعب لنا
فيهــــا أزمـــانا على طبــــل وزيـر
كم أقـــمنــا فيهـــا من هـــــودٍ وكم
رقــــص السيـفََ صـــغيـرٌ وكــــبير
وزواجـــــاتــنــــا قـــد كان بـــهــــا
لنـــــا في بــيـش أمـــــور وأمـــور
فيهـــا يا صــاحــبي لم يُشْـك ضَنى
لا ولم يُشْـــكُ غـــلاء في المــهــور
تمـــكــث الأفــــــراح أيـــّامـاً وفي
كل وجــهٍ حـاضرٍ يبدو الســــــرور
كم ســمـــرْنا ورقــصْــــنـــا وعلى
كل هامـاتنــــا قـد زان الخَــــطــــور
وبُــعَـيــــد اللِّـــعْـب نلــــقى راحـــةً
ومنــــامــــاً فــوق شـــبريٍّ وثـيــر
ليتني يـــومــــا إلى المـــاضي أعُدْ
وأعــــد يومـــــا إلى رُكْبِ البـعيــر
ليت أيــــام الصّــــِبــــا ترجـــع كي
أتـهنـــّــى وأعـــشْ فيــهــا قــــرير

شعر الاستاذ أحمد هادي دهاس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى