مقالات مجد الوطن

كورونا .. تحولاتٌ اجتماعية

 

بقلم الإعلامية : صبا آل مانع

تجذّرت لدى مجتمعنا ممارسات يومية وعادات حياتية وأنشطة معتادة ، حتى غدى رتم حياتنا يسيرُ متشبّثاً بالمثل القائل أن ( العادة طبيعةٌ خامسة )، فالعادات والتقاليد الاجتماعية ( سوسيولوجيا ) كما يسميها علماء الاجتماع هي أنماط سلوكية جُبلت عليها الأجيال وتوارثتها وتشرّبتها حتى أصبحت ثقافة متأصّلة يصعب الحياد عنها والتمرّد عليها .
فقد كانت لنا طقوسنا الخاصة وبرتكولاتنا المعتادة في مراسم الجنائز وافراح الزواجات ومناسبات العقيقة والختان وحفلات التخرّج وكذلك في التجمعات التعبدية الدينية والبرامج السياحية والثقافية والدراسيّة .
وفجأة ومن قمم الايام ، وخوالج الزمن اطلّ علينا فيروس الجائحة وأحداث الكورونا ( فقلبت علينا ظَهْرَ المِجَنّ ) واحدثت نقله نوعية وتغيرات جذرية في مجريات حياتنا اليومية ، واضحى تأثيرها الاجتماعي واضحاً وجليّاً ، وغدت المجتمعات ترزح تحت وطأة الخوف من التهديدات الصحية للجائحة ، ومن منطلق المسؤولية العامة والتضامن المجتمعي لمنع انتشار الفيروس ومحاصرت العدوى وبصورةٍ لا ارادية تغيّرت العادات الاجتماعية فعلى الصعيد التعليمي بمراحله المختلفة أصبح التعليم ( عن بُعد ) عبر المنصات التعليمية الالكترونية ، وفي مراسم العزاء وبرتكولات الجنائز اصبح تقديم واجب العزاء يقتصرُ فقط عبر الاتصالات الهاتفية ومواقع التواصل الاجتماعي ، وفي اداء فروض الصلوات اصبحنا نحرص على التباعد الاجتماعي بين الصفوف وعدم التزاحم في مداخل المساجد ومخارجها ، وعند التنسيق لمناسبات افراح الزواج فقد تم اختزال الوضع الى الدرجة الادنى في الحضور والمشاركة والاعداد المحدودة وفي كيفية قضاء شهر العسل وما يتبع هذه المناسبات من تكاليف باهظة ، فقد تلاشت تماماً وذلك ضمن الايجابيات المستقاة من الجائحة انطلاقاً من ( رُبّ ضارة نافعة )، حيث تجلّى لنا الفوائد الجمّة للحياة البسيطة الخالية من التعقيدات الشكلية ، والبعيدة عن قيود مظاهر التباهي في كافة صوره واشكاله ، ليبرهن لنا هذا الوباء بأن لدينا القدرة على التكيّف التام مع أنماط اجتماعية جديدة ، لينبثق السؤال المتماهي مع مكتسبات الكورونا ، هل باستطاعتنا أن نطلق على محيطنا الاجتماعي ( مجتمع ما بعد الجائحة )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى