مقالات مجد الوطن

*بعد موتي*

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*بعد موتي*
قد يحزن بعضهم
لكن لن يمتد الحزن طويلا
*فلا فرحٌ يدومُ ولا سرورٌ* *ولا حزنٌ عليك ولا رخاءُ*
فالحياة تجرف الناس في خضم أحداثها
وتغرقهم في تفاصيل تخصهم، أكثر من ذلك الذي غادرهم،
فالإنسان ينسى، ويسلو سلوَّ البهائم.

لكن:
لن يهمني ذلك، مَن حَزِنَ ، ومَن بكى قليلا ، ومَن بكى كثيرا، ومن تبسم خفية… فالأمر سيان عندي.

*بعد موتي*
لن يهمني من افتقدني، ولا من تذكّرني؛ لأنه سيكون عندي ما يشغلني حينئذ.
سأفكِّر في نفسي ومآلي، وليس شيئا غير ذلك.
فليس هناك منطقة وسطى، ولا بقعة رمادية ؛ فالمتاح -حينئذٍ- خياران، لا غير.

 

*بعد موتي*
سأدرك أنني أنفقتُ وقتا كثيرا لدى مَن لا يستحقون ، وسأفهمُ أنني أضعت جهدا كبيرا عند من لا يستأهلونه ، وربما أعطيت من لا يُقدِّر، ومنعت المستوجب.

*بعد موتي*
سأعلم أنَّ بوادر الأمور توحي بعواقبها، ومقدمات الأشياء دليل على نتائجها؛ فلا يليق بي حينها أن أصرخ: ربِّ ارجعون ؛ لأن “كَلَّا” ستنتظرني.
ولكن يليق بي أن أقول لربي: أقمِ الساعة؛ لأنَّ ثمة سعادة آجلة تحثني لأنْ أطوي العاجل؛ لأبْلُغَها.

*بعد موتي*
حينما أوسد في التراب دفينًا، بِيَدِ مَن لو رأى على ثيابي ذرة تراب -إبان حياتي – لنَفَضَها، ثم أدخُلُ الامتحان المكشوف ، لأجيب عن أسئلة معروفة ، ويأتي الممتحِن ليمتحن الممتحَن ، ساعتئذٍ تتمايز المواقف ، وتتباين الصفوف ، فليس ثمة منطقة وسطى للخلود فيها ، فالخيار المطروح من طريقين فقط.

*بعد موتي*
ربما يُقام لي عزاء، وربما لا، ربما يقام لي تأبين، وربما لا، ربما يعدِّدون مآثري إن وجدوها تستحق، واقتنعوا بها ، وربما لا ؛ لأنهم سيكونون صادقين جدا ، وسيقولون ما آمنتْ به قلوبهم تجاهي ،لأنه ليس هناك مجال للرياء، ولا مساحة للنفاق، ولا مكان للخوف، فسيقولون ما لم يكن ليقال بألسنتهم، وأنا بينهم.

*بعد موتي*
ستختفي كل تلك الألقاب التي وصفوني بها: الأستاذ والأديب والكاتب والمربي والمعلم، وأبو فلان، وابن فلان …
سيبقى اسمى واحدا، وهو المرحوم فلان، سيتفقون عليه بعد موتي، كما لم يتفقوا في حياتي .
كل ذلك لا يهم كثيرا؛ فأنا أمام طريقين، فليس ثمة منطقة رمادية، وليس هناك مكان ثالث.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*طارق يسن الطاهر*
Tyaa67@gmil.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى