شعر وخواطر

الرحيل الباقي

الرثائبة الثانية في رحيل شقيقي وأستاذي عبدالرحمن الأمير – ابو خالد

عبدالله محمد الأمير

سَلَو القَلْبَ عَنْ فَقْدٍ طُعِنتُ بِنَصلِهِ
وَعَنْ أَعيُنٍ ذابَتْ بُكاءاً لِأَجْلـِهِ

فَمَنْأَىٰ الّذي يَحتَلُّ بِالْحُبِّ مَنْزِلاً
ثَقَيلٌ وَقَد ناءَتْ ضُلوعي بِحَمْلِهِ

تَجَرَّعتُ مُرَّ الصَّبْرِ صِبْراً بِفَقْدِهِ
وَكَأْساً مَعَ السِّلوانِ أُسْقَىٰ بِذُلِّهِ

أَيا راحلاً قَد غابَ عَنِّي بِحِسِّهِ
وَفي مُهْجَتي ما زالَ حَيّاً بِكُلِّهِ

يُسامِرُني لَيـلاً فَـأَزْدادُ حُرقَـةً
وَلي في شُروقِ الشَّمسِ أُنْساً بِظِلِّهِ

أَنا في عِدادِ النَّاسِ..بالجِسْمِ كامِلٌ
وَنِصفي مَعَ الأَمواتِ مِنْ قَبلِ حِلِّهِ

أَعيشُ كَما المَجْنونِ..حَيَّاً بِدونَهِ
وَهَلْ يَكْمُلُ الإنسانُ إِلَّا بِعَقْلِهِ؟

فَإِِنْ قيلَ لي خالَفْتَ..أَورَدتُّ حُجَّةً
أَلَيسَ انْتِصافُ البَدرِ رَمْزٌ لِكُلِّهِ؟

وَلَو كانَ لي بُدٌّ وَفي الأَمْرِ حيلَةٌ
لَأَصدَرتُ حُكْماً في الغُرابِ..بِقَتْلـِهِ

بِكَفيَّ تَحتَ الأَرضِ مَهَّدْتُّ مَرقَداً
لِمَنْ كُنْتُ لَا أَرضَىٰ التُّرابَ لِمِثْلِهِ

فَضَمَّ الثَّرَىٰ جِسْماً نَحيلاً وَأَعيُني
إِذا غِيضَ عَنْها الماءُ جادَتْ بِطَلِّهِ

لَقَبْرٌ تَوارَىٰ فيهِ ما زالَ نَفحَهُ
بِأَنْفي كَأَنَّ المِسْكَ مِنْ بَعضِ رَملِهِ

فَحَقٌّ عَلَيَّ اليومَ فَرضٌ وواجِبٌ
أُخَلِّدُ هٰذا الرَّمزَ فَخْـراً لِنَسْلـِهِ

مُحِبٌّ سَما بِالصَّفْحِ فازْدادَ رِفْعَةً
فَتاللهِ ما جازَىٰ المُسيءَ بِفِعلِهِ

لَقَد كانَ مِثْلَ الغَيثِ لِلنَّاسِ نافِعاً
يَسُرُّكَ نَبْتُ الأرضِ مِنْ بَعدِ هَطلِهِ

مَدينٌ بِما أَسْدَىٰ إِلىَّ..فهاءَ أَنا
أُسابِقُ فَرسانَ القَريضِ بِفَضْلِهِ

عَزائيَ إِنْ جَنَّدتُّ لِلمَدحِ أَحرُفاً
لَما جاوَزَتْ بِالطّولِ شِسعاً لِنَعلِهِ

أَبا خالِدٍ..لَو كانَ بِالعُمْرِ يُفْتَدىٰ
خَليلٌ لَسابَقْتُ الجَمَيـعَ بِبَذْلِـهِ

وَأَرخَصتُ بَيعَ النَّفْسِ مِنْ غَيرِ مِنَّةٍ
وَشَرَّعتُ مَوتَ الخِلِّ بَذْلاً لِخِلِّهِ

وَلٰكِنَّ حُكْمَ اللهِ في الخَلقِ نافِذٌ
وَما مُؤْمِنٌ إِلّا وَيَرضَىٰ بِعَدلِـهِ

فَيا رَبُّ في الفِردوسِ تُؤْتيهِ مَنْزِلاً
وَعَفْوِكَ يا رَحمٰنُ لَيسَ كَمِثْلِـهِ

عبدالله محمد الأمير
1443/11/23

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى