مقالات مجد الوطن

الجزء (٣١) روايتي: شرارة وبناتها حرائق!!

بدأ المساء يحط ستره والمرأة لابد أن تحكي الآن حكاية مقنعة لحارسها المتيم، ولكي تحكيها ينبغي الرجوع إلى الوراء كثيرًا، إلى سنوات الطفولة البعيدة.
كان هذا الحارس الشخصي يلعب دورًا بسيطًا ككومبارس؛ لهذا لم تستخدم أمامه خدعها البصرية الخارقة.
فكرت أن تسامره بقصة مفبركة تكون جواز عبور لها وتسهل عليها السفر دون أن يصر على مرافقتها وحراستها طيلة الرحلة٠
وفجأة وجدت نفسها تقص عليه قصة حقيقية حدثت عندما كانت فتاة صغيرة: ” أذكر يا نديمي أن هناك فتاة في ريعان الشباب من أسرة فقيرة تكاد تكون معدمة وكانت أجمل خواتها السبع تزوجت من أقبح شاب دميم الخلقة بدئي اللسان لكنه غني المال، انتقلت معه إلى بلدته وسكنت هناك سنينًا طوال، أنجبت منه بنين وبنات، وذات عصر يوم ضربها زوجها السادي كما أعتاد أن يفعل من تعنيف وعذاب، ولكن هذه المرة زاد الجرعة فكانت هذه الضربة ضربة خطيرة.. ضربة الموت كما يقال، وحين جنى الليل ونام تسحبت بما فيها من أثقال متورمة ومتلونة كانت مغطاة بالكدمات والركلات. هربت منه مع سائق مركبة أذيع في ملأ حيينا إنه عشيقها شغفها بحبه والهيام. وعندما استيقظ بعلها جن جنونه، فكيف لمن مثلها مدمنة الذل أن تفر منه؟، وبعدما جمعت نفسه اللوامة أقواله الكيدية بلغ عن اختفائها كأنه لم يكن يوما سجانا وجلادا وليئمًا، وحين عثروا عليها في بيت والديها كشر عن انيابه واتهمها بأبشع اتهام ماجنة لعوب تعشق سهر الليال وفي النهار تنام.
أصبحت قضية والكل يطعنها في شرفها وهي ملتزمة الصمت والبكاء إلى أن ظهر البرهان في حكم البراءة مما نسب إليها، حيث أن الزمن قضته من بيت الزوجية إلى دار والديها يقتضي حوالي ثمان ساعات مما جعل قائد المركبة يصطحب زوجته معه، وهما في الأساس كانا من جيرانها المقربين.. كانا من سابع جار”.
ثم أتت اللحظة التي تفاعل فيها الحارس وسأل عن مصير الزوج، فأخبرته: “لقد تمت محاكمته وكان عقابه سجن وجلد والتفريق بينهما”.
عقد هذا الحكم لسانه، فأوصته بالمكان خيرًا واستأذنت منه لتسافر من أجل جلب الفلوس الناقصة لإكمال البناء.
لم يكن يريد أن يعطلها، لذا لم يسألها متى ستعود؟ وبعد ذلك تبادلا كلمات الوداع.
– حان الوقت، عليَّ الذهاب، سنتحدث مرة أخرى، قالت وهي تتقدم.
وبعد النظرة الأولى في ضوء السيارة العال لم ير الحارس شيئًا غير الذي خيل له. كانت ابتسامتها تشي بخبث ما، تقدمت إلى سيارة سوداء اللون، أمسكت بمقبض بابها الفضي، وركبت فيها:
– هيا، تحركي إلى بلدة (زان).

الروح/ صفية باسودان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى