ضيف الله مهدي
اليوم الجمعة الموافق ١ ذو الحجة ١٤٤٥هـ ، خطبنا خطيب جامع الفقهاء في محافظة بيش خطبة بديعة شاملة كاملة عن عشر ذي الحجة وقد أجاد وأفاد .. وإنما الشيء بالشيء يذكر ، فإني تذكرت أنني قد كتبت عن عشر ذي الحجة من مدة طويلة ونشرت ما كتبت في الصحف والمنتديات ، واستعنت يومها بالله عز وجل ثم بكتاب زاد المعاد لابن قيم الجوزية ومما هو مخزن في ذاكرتي من قراءة وسماع .. وكتبت : ” قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( أفضل الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القرّ ) أخرجه أبو داود . وقيل يوم عرفة أفضل منه. وهذا هو المعروف عند أصحاب الشافعي ، قالوا : لأنه يوم الحج الأكبر ، وصيامه يكفر سنتين . وما من يوم يعتق الله فيه الرقاب أكثر منه في يوم عرفه ، ولأنه سبحانه وتعالى يدنو فيه من عباده ، ثم يباهي ملائكته بأهل الموقف . وفي سنن أبي داود بأصح إسناد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يوم الحج الأكبر يوم النحر ) وكذلك قال أبو هريرة وجماعة من الصحابة . ويوم عرفة مقدمة ليوم النحر بين يديه فإن فيه يكون الوقوف والتضرع والتوبة والابتهال والاستقالة ثم يوم النحر تكون فيه الوفادة والزيارة ، ولهذا سمي طوافه طواف الزيارة لأنهم قد طهروا من ذنوبهم يوم عرفة ، ثم أذن لهم ربهم يوم النحر في زيارته والدخول عليه إلى بيته ، ولهذا كان فيه ذبح القرابين وحلق الرؤوس ورمي الجمار ومعظم أفعال الحج
وعشر ذي الحجة أفضل الأيام ، وقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من أيام العمل الصالح فيه أحب إلى الله من هذه الأيام العشر ) قالوا : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ( ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ، ثم لم يرجع من ذلك بشيء ) . وهي الأيام العشر التي أقسم الله بها في كتابه بقوله : { والفجر وليال عشر } ولهذا يستحب فيها الإكثار من التكبير والتهليل والتحميد. وروى الإمام أحمد رحمه الله تعالى عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ( ما من أيام أعظم ولا أحب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ) .وروى ابن حبان رحمه الله تعالى في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام ( أفضل الأيام يوم عرفه ) . ومن أفضل الأعمال في عشر ذي الحجة .. أداء الحج والعمرة ، وهو أفضل ما يعمل ويدل عليه عدة أحاديث منها قوله عليه الصلاة والسلام : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ). ولغير الذي لا ينوي الحج ، يفضل صيام هذه الأيام ، أو ما تيسر منها ،وبالأخص صيام يوم عرفة. وروى مسلم رحمه الله تعالى عن قتادة عن النبي عليه الصلاة والسلام قال : وقد سئل عن يوم عرفه ( يكفر السنة الماضية والباقية ) . وروى أبو داود والنسائي وابن ماجة والترمذي رحمهم الله تعالى : ( صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي بعده والسنة التي قبله ) . ومن الأعمال كذلك ، التكبير والتهليل والذكر ، وروى البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما كانا يخرجان إلى السوق في العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما . وكان الكثير من فقهاء التابعين رحمهم الله تعالى كانوا يقولون في أيام العشر : ( الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ) . ويستحب التوبة والإنابة والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب ، وكذلك كثرة الأعمال الصالحة ، من نوافل العبادات ، كالصلاة والصدقة وقراءة القرآن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . كما تشرع الأضحية في يوم النحر وأيام التشريق ، وهي سنة أبينا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ، وقد ثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام قد ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده الكريمة وكبر وسمى ووضع على صفاحهما .. متفق عليه . وقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره ) ، وفي رواية ( فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره حتى يضحي )”.