شعر وخواطر

من وحي الماضي

 

كنت في الماضي صبِيًّا نفسي جـــــــداً مثل كل الناس بالدنيـــــــــا رضــــيَّه
أستفيق الفجـــــــر أدعــو الله أن يغــــــفرْ خــــــطايانا بدنيـــــــــــــانا الدنيـــَّه
ثم نحضرْ عــــزَماً أو قصـــــــــباً أو شجـــــــــراً أيبس من شمس حميـــــــــه
نتسقـــــدْ ثم نجعل ْفوقهـــــا براد شــــاي ثم نصْببْ منه أكواســــــــــــــا نديَّه
وأرى أميَ قد جشَّت وحطَّت ع المــــركبْ جــبْنةً بالبن والهيل وبالــــزر غنيه
ثم صبت لنساء الحي منهم ولدتي ليلى وسلمى والعجوز ْ عيشا ونورا وصفيه
ثم أبصــــرْ أبي قـــد سار إلى البقـــرة يحلبْها ويأتي به في الصحفا القضيه
وأرى أميَ قـــد راحـت تكنّسْ حـــــوشنـــــــــا ذاك المقضّضْ بمكانسْ يدويه
ثم ســــارت نحــــو ميفــــاها توَشِّي ثم تأتينــــــا بدبَّى وجمامير خمير دائريه
وبصحــن وضعت فـــــــيه سليطـــــاً ثم جــــــاءتنا بحقنتهــــــــــــــــا الطريه
أملأ الكـــــرشـــــــــة من هـــــذا وذاك الصحن حتى ينـــــزل الرشـــــح عــليه
ثم أغــــدو راكبـــــا فــــوق حـــــمار بزفــــــاف وارداً نحـــــــــــــــو الفضــيه
بعــــدها أذهب للســــــــاحة أجــري فألاقي زهبنا الأخضر تغشـــــــاه البـــريه
فهنـــــا جمع من النســــوة يصربن عذوقا لونهـــــا أحمر تعشقْها العَفيّه
وهنــــــــــا بعض رجـــــال يخبطون العـــذق الأبيض خبطـــــــــــات قــــــويه
وعلى السهـــــوة عمي راح بالميضفة الخضراء يرمي الطيــــــر رميات ذكيه
وإذا الظهــــر أتى عدت إلى البيت وفي الثغــــر ابتســـــــــــــامات شجـــــــيه
أجــــد الأم وقد فتتْ لنا حيسية فيهــــا الهنا والحسن والريحـــــــــا الــــزكيه
ثم جــــــــــــاءت بمغشٍّ آه منـــــه من مغــش يهْبل العــــــــــقل النـــــديه
وبصحـــن وضعت فيه قطيبـــــا لهـــا طعم عـــــــمري ما مـــــــــرّ عليــــّه
ثم أبصـــــــرْ جغــــــــرة فيهــــــا مراق ولحــــــــوم قد تبدّت مســـــــتـويه
وعلى الجـــانب تبدو برمة فيهـــــا خلاصـــــات لسمن فأقرِّبْها إليَّه
وإذا ما رغبتْ في صلصة أو فلفل أرسلتني أمي للـدكان ومعـــــــايا الشريّه
وقبيل العصـــــر نذهب للمـــــــــراعي بخـــــــراف ونعــــاج وغنيمات شقيه
ليس يهدا بالهــــا إلا إذاما فيّشت في أي زهب به أعــــــــــلاف طــــــــــريه
ثم نلعبْ مشقحــــــــا أو مزقـــــراً أو نتســلى مع لعبــــة طق طق طق طاقيه
أو نحنبْ للشـــــرافي والقمــــــاري أو نصيــــــِّدْ بعض أطيـــــــــــار البريه
درقٌ ننصبــــهُ أو محنب من مضــَّةٍ أو مـــــــزبتٌ فيـــــــــــه حـُصَيَّه
أو نكَيِّنْ من عـــــروجٍ أو نكبِّثْ من رديفٍ أو نرَجِّمْ لنا بهشـــــــا في العشيه
وعلى الجانب أمي إن أتى العصــــر تلاقي عندها دومــــــــا شــئون منزليه
قبل مـــا تغرب شمس تكنس المجــــــــران كنساً بالأيــــــــــــادي الذهـــبيه
ثم تذهبْ لفوانسْها تسقِّيها بقازٍ وتحــــــسِّسْها بفن ورويه
وتخـــــرِّجْ لنا خمســـــا من شباريها وخمســـــــا من تراكيهـــــــــــا القويه
بعــــدما تغرب شمس يأتي ليل بــاسم ومعــــــــاه مفتــــــــــــاح الشهــــيه
نتعشى بثريد أو عـــــلى مــــــــرزوم حلـــــــو أو عـــصيدا حنـــطــــــــويه
أو نقَضِّي ساعةً نحسوا حليبــــا آه منه مع قرصان خضـــــــــير سكـــــــريه
وترى الجيــــــران يأتون يُقضُّـــــــــــــــــون معانا سهــــرات وسويعات هنيه
ألقى بعضــــــاً يضنــــــون ثم بعضـــــاَ يفتلون ويحكُّون حكــــــــــايات شجيه
وترانا عندما كنا صغـــــــاراً نلعب الساري دوامــــــــــــــا في الليالي القمريه
أونقسِّمْ فرقتين نلعب البحـــــــرير حتى إن مللنا سرنا للنوم بأجســـــام قويه
وإذا العيـــــد أتانــــــــــــا كنت أبصـــــــرْ هذه الدنيــــــــا تبادلني التحيــــــــه
نطعم المحشـــــــــوش فيه ونذقْ فيه المشـــــــــــــًرْشرْ كل صبح وعشيـــــه
هكذا كنـــــا جميعا في قلوب الكل حب وحنان ونوايــــــــــــا مثلما الماء نقيه
حسرتي تترى على ذاك الزمان اللي مضى ياليته يرجع ليَّه

شعر الأستاذ أحمد هادي دهاس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى