أدبيات الصحيفة

(( حكايا القلب ))

 

بقلم : ريم العنزي

أنزف بحرفي ألمًا، وهناك من يراه إبداع، تبتسمون لحرفي، ولا تعلمون نزفي. ‏حكايا الأوجاع تطرب لها الأسماع، ‏ولا أعلم ربما الإبداع يُخلق من رحم المعاناة.
‏حكايا القلب وتراكم مشاعره، ودفن ما يشعر به من انكسارات تتوالى، ويرونك تبتسم فيظنون أنك جلمود صخر لا تشعر.
‏انكسارات القلب موجعة وغير محسوسة، لا يشعر بها إلا من فطر قلبه انكسار عميق لا قاع له، ولا حدود، ممتد بامتداد حياة القلب.
لا قدرة لمخلوق على جبر قلب كُسر مهما أوتي. وحده الجبار القادر بعظيم قدرته سبحانه على جبر القلوب المنكسرة. فاللهم جبرًا.
‏ كاللحظة التي تكتشف فيهـا خيانة شخص قريب هي ذاتها لحظة انكسار القلب، هذا الانكسار المدوي قد يغير حياتُك، ويجعلك إما منهزمًا وسلاحك الدموع، وإما قويَا فتتحرر وتنهض من جديد.
دعوا قلوبكم المكسورة جانبًا، حان دور المتحكم الأقوى -العقل-، سلموه زمام أموركم، وحتمًا سينصفكم، سيلملم ما تبقى منكم، سيفتح نوافذ النور، ويطرد العتمة اللي لازمتكم طويلًا، سيلقن الثقة درسًا لن تنساه.
لا تكرروا فكرة إعطاء الفرص وفتح صفحات جديدة، ‏عبثًا تأملون، ‏وسحقًا تنالون، ‏ودمارًا تخلفون. جحافل الخيانة والسوء ستدمركم مرة أخرى كمرتزقة الطرقات، ستهمش كسركم، وتعيد الكرة، وتنتظر صفحًا وفرص جديدة.
‏ثقافة الهدنة خادعة ماكرة، كمن يعطيك من طرف اللسان حلاوة، وهو أفعى تلدغ بابتسامة.‏ مكر النوايا ليس عليه حجاب، ما يلبث أن يسقط قناعة الشفاف، ولو امتد لسنوات.
‏أنا نرجسية جدًا. لا أجيد حبكة الخيانة والغدر. أكره كسر القلوب وخدشها. نياط القلب كشعرة تقطعها الحسرة. من يفعل هذا يا صديقتي يدفع الثمن ‏غاليًا ولو بعد حين.
غدًا سيزهر ياسميني، ولن تستطيعوا لي كسرًا، كُسرت حتى قوي عودي، وأصبحت أعجوبة عاجية لا تحترق ولا تقهر. لا أُكسر ولو اجتمع موزمبيقية العالم لكسري. علمت أنني أستحق السعادة.
‏ماذا لو أحببتم الوفاء؟ ‏الوفاء للأنقياء فقط، ووحدهم يستطيعون رؤيته. ‏هو خيار و وحدها الأرواح القوية قادرة على اتخاذه. القلوب المبتسمة المحبة للخير القريبة من الله.
‏ولأن الوفاء حاكم لن يسامح الخيانة أبدًا لكنه سيكون حليمًا في حكمة، سيتركهم في غيهم ويرحل بعيدًا، حيث ضوء النور المنبعث من نقائه.
‏الصداقة علاقة راقية جدًا، فقط تحتاج إلى أناس يعرفون معنى الوفاء، ليس بالسنوات والوقت، إنما بالرضا وحب سعادة الآخرين، بعيدًا عن الحسد وهدم بيوت كانت آمنة مطمئنة.
‏لا يُقاس وفاء الأصدقاء بما تراه أمام عينك، بل بما يحدث وراء ظهرك. كم هي قاسية جدًا خيانة وكيد الأصدقاء؟
أنا ضد عشوائية المشاعر واتخاذ القرارت السريعة، ولكني تجاوزت ذلك، ووضعت نقطة في آخر السطر وكفى. نحتوا ببراعة مجسمات الخيبة، فأصبح يتربع في ضمائرهم السواد.
ظنوا أنني ساذجة، وتولوا دور الممثلين والإخراج. أنا كنت بنظرهم المشاهد الساذج لفصول المسرحية فقط، إلى أن علموا أنني من كنت أكتب سيناريو حلقات صادمة، عُرضت عليهم في آخر مشهد تمثيلي كانوا يؤدونه.
أحببت هدوئي وأنا أصفق لغبائهم. سأعتبره مشهدًا عابرًا لم أعره انتباهي. مشاهد كانت تغص قلبي حين يتذكرها. كنت كقلب يغرق ولا يستنجد، الآن هي ذكريات، ‏لعنات عشوائية ‏تصيبني بالفرح عند تذكرها، ويخالطني شعور بالسعادة والابتسامة لم أكن يومًا ساذجة، فقط كنت صديقة وفية.

‏هنا يفتح القلم منافذه ‏على مصراعيها، ‏فيصب من نزفي عبقًا كان منهكًا. ‏لا أكترث، ‏لم يكن عودي هزيلًا بل كانت الريح قوية، ‏تركت كل ذلك، مزقتهم أشلاءً، وأصبحت أرى نفسي فقط.
‏كل اللعنات السابقة، وآلاف الجثث التي كانت تطارد قلبي، دفنتها حيث لا عودة. تعمدت إحراقها قبل دفنها كثقافة هندية أن يعيشوا بسلام في مكان آخر.
القهر ولَّد لدي التسلط التعويضي الذي أكسب قلبي صفة القوة. ‏الخيانة خلفت لروحي الانتكاسة التي ورثت الثقة العالية بالنفس. كونوا سعداءً ولا تؤذوا أحدًا، حتمًا سيؤلمكم دعاؤه.

بقلم : ريم العنزي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى