محمد الرياني
صحوتُ على رائحةِ العطر تنتشر في كل مكان، اضطررتُ لأسأل عن سر انتشاره في الغرف والصالة وحول الأسرّة وفي المطبخ، هذا عطري ولايخرج من دولابي الخاص، ماالذي نشره في كل مكان؟ نظرتُ إلى البلاط الأرضي وعليه آثار العطر، وقفتُ إلى جوار أحد المداخل المزينة بالجبس وإذا به يأخذ رائحتي، لم أجد زجاجة العطر في مكانها بالدولاب، الرائحة تزداد عند اقترابي من غرفة الأطفال، وحولها سرير الصغيرة أكثر، أسأل نفسي هل من المعقول أن تكون هي التي فتحت الدولاب؟ كيف لها أن ترتقي لتتناول قارورة العطر؟ سؤالي تبخر عند رؤيتي لمقعدها الصغير ملتصقًا بدولابي، انحنيتُ عند سريرها لأكشف عن وجهها المختبئ تحت اللحاف ، انفجرت ضاحكة وقد ظننتها نائمة، كانت تحتضن العطر مثل دميتها، سألتها بحزم: هل تركتِ لي شيئًا من العطر؟ ازدادت ضحكًا وأنا أكاد أنفجر سخطًا وحبًّا في آن واحد، سألتني هل أنت متضايق لأنني أخذتُ عطرك؟ أجبتها بأن تسأل الجدران والمطبخ والبلاط، قالت وأنا ، قلتُ وأنتِ أيضا يا….، دنوتُ منها: ماذا أفعل بكِ الآن؟ ناولتني الزجاجة شبه الخالية، أشارت بيدها أن أرشها بالباقي، جلستُ عند رأسها أستروح عطر روحها الغضة، تركتها لتنام على الشذى المسكوب في كل مكان، وهي تغمض عينينها قمتُ لأقتفي أثرها بحثًا عن بقايا عطرها، الغريب أنني نسيتُ أن أسألها لمَ فعلت ذلك.