المدينة المنورة :- عمر الموسى
أمّ جموع المصلين اليوم الجمعة في المسجد النبوي فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي، وتحدث في مطلع الخطبة قائلاً:
كثيراً ما يردد الإنسان في مواقف حياته (إني فاعل ذلك غداً )يرددها فيما يختلج في نفسه من خطط وما يتطلع إليه من أمنيات، وطموحات يرنو بلوغها من صحة وعافية وغنى ومال ومسكن واسع ومركب ومنصب، هذه التطلعات وتلك الخطط هذبها الإسلام بآداب قال تعالى ﴿ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا ﴾.
وأضاف: ومن أدب الإسلام في قول (إني فاعل ذلك غدا) الاستخارة عند العزم على فعل أمر فالاستخارة تنير درب المستقبل، وتبصرك مواطن التوفيق، وتسدد مسيرك، روى البخاري عن جابر رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القران وإذا عزم المرء وقال (إني فاعل ذلك غدًا) فصاحب الهمة يغتنم الأوقات ويسارع بلأعمال قبل الفوات، ولا يتراجع عن عزمه ولا يتردد في بلوغ هدفه ليسجل في سيرة حياته سيلاً من الأعمال المثمرة، وصفحات من الإنجاز المشرقة، قال تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}
وقال: (إني فاعل ذلك غداً) تبقى كلمة يرددها اللسان على سبيل التمني ولا قيمة لها إذا لم يقترن بها همة وقادة وعمل جاد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه وهواها وتمنى على الله الأماني
وزاد الثبيتي قائلاً: ومن وهبه الله القدرة وأمده بالقوه وقعد عن العمل فقد أسلم نفسه للكسل وأهدر ساعات عمره ورضي بأن يكون في مؤخرة الركب وعلى هامش الحياة بطالاً يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني وقد علم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة وقال تعالى (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّه) (إني فاعل ذلك غداً) ما أحسنه من قول وقائل وفعل وفاعل أذا كان عزماً في ميدان صنائع المعروف واستباق الخيرات والبذل في أوجه البر والإحسان قال تعالى ( فاستبقوا الخيرات) وقال(وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ – الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
وتحدث في الخطبة الثانية قائلاً: ومن قال (إني فاعل ذلك غدا) ولم يبلغ شيئا من طموحه وإن يحقق نصيباً من أهدافه فإن ذلك لن يثنيه عن العمل بجد فكل إخفاق يحمل إضائه وأي فشل يصنع نجاحاً، وعسى أن يكون المغيب خيراً مما فات ولا تحزن على شيئاً فقدته فإن العبد لا يعرف مكامن الخير المطلق في الحوادث والمواقف؛ (وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شي فلا تقل: لو إني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وماشاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان .