الكاتبة/ سحرعلوي الشيمي،
في كل لحظة نعيشها ومن كل بقعة على وجه الأرض
يصدح أنين تصدره أحداث متنوعة ، بصور مختلفة بين واضح ومبهم ، مختصرة عنوانها بحرفين بكلمة (آه ) ،كمنبه لوجود الألم ، يعبر عنها ببكاء ، صراخ، استغاثة، أو حتى بنظرة أو ملامح أو حركة بصمت تدل ، لتشير الى وجود الألم .
احتار العلماء في تعريف الألم والسر في وجوده ، وهل هو مفيد أم ضار للإنسان ؟. وهل يمكن أن تستمر الحياة بدون ألم ؟!..
فعرف الألم في اللغة : بأنه الوجع(1)، أمافي الفلسفة فهو «حالة نفسية يصعب تعريفها، وتتميز بإحساس مادي أو معنوي بعدم الراحة أو بالضيق أوبالمضض»(2)و في الطب «إحساس مرهق يتسبب عن تنبيه نهايات عصبية ميكروسكوبية تختلف عن سواها من النهايات الحساسة بكونها عارية».
والألم قد يكون مادي أو معنوي ، المادي قد يكون مثل الصداع المغص والمعنوي مثل 🙁 الحزن ، القلق).
والإحساس بالألم يختلف من شخص إلى آخر حسب المسببات له أو العوامل الوراثية، وفي دراسة نشرت في صحيفة “جورنال سايكولوجيكال ساينس” توصل باحثون نفسيون إلى أن الذكريات المؤلمة المرتبطة بالتجارب العاطفية أكثر إيلاما من تلك المتعلقة بالألم البدني.
فالألم ليس مجرد ظاهرة منتشرة في حياتنا اليومية، بل إنه ظاهرة مرافقة لنا مدى الحياة. لأن الألم قرين الإحساس الذي هو دليل وجودنا بالحياة ،..والألم مرافق لنا لحكمة في خلقنا كما قال تعالى : لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ (4)سورة البلد.
ولكن كيف يؤثر هذا المرافق لنا على نمط حياتنا وما يخلفه من رفات في اعماقنا ؟!.
نعم للألم رُفات تكمن وتستقر في أعماق النفس وتصاحبها مدى الحياة ،ويتضح ذلك في الألم النفسي الذي يسببه حزن من الماضي أو خوف من المستقبل ، رفات من كسرات للنفس دفنت تحت انقاض الزمن بيد الأحداث والمواقف و بصنع القدر ، فالألم النفسي أشد انواع الألم لأنه قديسبب مرضا جسديا حادأو مزمن ولأنه مرتبط بالمشاعر والروح التي هي وقود الحياة .
ولكن ما الحكمة من وجود هذا الألم ؟ وهل هو نعمة أم نقمة؟ سؤال راود الكثير وتعددت في وصفه الأقلام والآراء ، ولكن الجواب الشافي في كلام الحكيم العليم . قال تعالى ـ: {وّمّا أّرسّلنّا فٌي قّريّةُ مٌَن نَبيَُ إلاَّ أّخّذنّا أّهلّهّا بٌالبّأًسّاء والضَرَاء لعلَهٍم يضَرعون} [الأعراف: 94]. فإن الألم النفسي الناشئ عن خوف العبد من عذاب الله يقيه من وقوع العذاب الأليم به في الدنيا أو الآخرةº ، اضافة الى ان الألم مؤشر ينبه الدماغ أن جسدنا بحاجة لشيءٍ ما. قد لا تشعر بألم طعنة سكين اذا كنت مصابا” بعدم الإحساس بالألم؛ لكنها بلا شك قد تؤدي الى موتك! فالألم نعمة عظيمة من الله ،. كما تسهم الآلام في صنع مستقبل الشعوب وقيام حضاراتهاº فكثير من الأمم عانت آلام التخلف والفوضى ردحاً من الزمان، فما كان منها إلا أن تحسست خطاها نحو العلم والحضارة، والآلام تقوي العزيمة والإرادة، فيكتسب المسلم حصانة ولنا في الانبياء قدوة وفي مقدمتهم نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – تحمل آلام لا تحصى .
فلنتألم لنتأمل ولنتعلم ولنصنع من رفاته قصور للأمل التي يرثها بعدنا الأمم بالايمان والصبر واليقين وحسن العمل . والله القادر على احياء رفاتنا بعد الموت قادر على انقاذنا من رفات الألم .
لقوله تعالى 🙁 وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا ﴿٤٩﴾ ﴾ [الإسراء آية:٤٩]
فلله الحمد والشكر على نعمه العظيمة فالالم نعمة كما قال أحمد رامي
وغرست في قلبي الشجون فأثمرت … وجنيت منها نعمة الآلآم..
دمتم بحياة راضية مرضية ..