كتبه الاستاذ / قالب الدلح
كانت اخر رحلة حج من قريتي على الجمال والحمير في بداية السبعينات الهجرية حسب ماسمعت اي قبل سبعين عاما ، بعدها وصلت السيارات الى المنطقة ومنها سيارة المرسيدس ذات الصندوق وبعض سيارا الفورد صاحبة الشبك خففت عن الحجاج عناء السفر ، وكانت رحلة الحج تبدأ من منتصف شوال حيث يغادر الحجاج في قوافل تسلك طريق الساحل حتى الوصول الى مكة المكرمة وكانت مدة الرحلة قد تصل الى شهر او اقل حسب ظروف القافلة ، وما يواجهونه من اخطار الطريق مثل حوادث السلب والنهب او حوادث السيول والامطار ، وكان الحاج قبل توجهه الى الحج قد استكمل كل احتياجات الرحلة من نقود واكل ، ومن اهم الاكلات التي تصاحب الحاج ( الشمير) وهو عيش الذرة الرفيعة او الدخن والسمسم سو كان خميرا او حالي تجفف وتسحل حتى تكون قطع صغيرة جدا وتعبأ في اكياس من القماش ، وكذلك العسل والسمن البلدي والسليط ، والسمسم الممسوع يضاف عليه السكر ، ومن اهم ما يحمله الحاج في رحلته الكفن والسدر وادوات الغسل لان الحاج في رحلة لا يدري ماذا يحصل له ومنهم من يموت ومن يمرض ومنهم من يعود سالما معافى ، بعد ان يستوفي الحاج هذه الاحتياجات ويحدد يوم انطلاق القافلة يحظر الملبي وهو شخص حافظ بعض الاهازيج والادعية الى بيت الحاج ثم يحيي تلك الليلة بالأهازيج والتلبية ، اما النساء فيوضع لهم هودج وهو عبارة عن شبري يربط فوق ظهر الجمل ويلف حوله بقماش ، وتطلع الحاجة على ظهر الجمل وتنطلق القافلة في موكب رهيب من اهالي القرية ومن الاهازيج التي كانت تقال القصيدة الشعرية وهي كما يقال لعلى ابن الحسين ابن على رضي الله عنهم اجمعين التي تقول : ليس الغريب غريب الشام واليمني .. ان الغريب غريب اللحد والكفن ، إن الغريب له حق لغربته .. على المقيمين في الاوطان والسكن ،الى اخر القصيدة ويصاحب بعض المودعين لاسرهم مسافة قدتصل الى الدرب والشقيق ثم يعودون داعين لهم بان يحفظهم الله في رحلتهم الى الحج لان الحاج تنقطع اخباره نهائيا لمدة شهرين لا تدري اسرته عن احواله حيث لم تكن هناك وسائل اتصال في تلك الفترة من الزمن .
في الحلقة القادمة نتكلم عن مراسم التوديع وتحبيل فعادة الحاج ،