المدينة المنورة – سامية الصالح
أمّ المسلمين اليوم لصلاة الجمعة في المسجد النبوي فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور أحمد بن طالب واستهل فضيلته خطبته الأولى بالحديث عن الصلاة فقال: إن الصلاة قرة عيون المحبين، ولذة أرواح الموحدين، ومحك أحوال الصادقين ، وميزان أحوال السالكين
وهي رحمة الله المهداة إلى عبيده، هداهم إليها وعرفهم إياها رحمةً بهم وإكراما لهم، لينالوا
بها شرف كرامته، والفوز بقربه، لا حاجة منه إليهم، بل منة وفضلا منه عليهم.
وتعبد بها القلب والجوارح جميعا، وجعل حظ القلب ونصيبه منها أكمل الحظين وأعظم النصيبين، إقبالا على ربه، وفرحا بسببه، وتلذذا بقربه، وتنعما بحبه، وابتهاجا بالقيام بين يديه.
ثم اختتم فضيلته خطبته الأولى بالحديث عن حسنات الصلاة وماتفعله بالإنسان فقال: وقال صلى الله عليه وسلم : (وجعلت قرة عيني في الصلاة).
وكان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.
ولما امتحن سبحانه عبده بالشهوات وأسبابها اقتضت تمام رحمته به وإحسانه إليه أن هيأ له
مأدبة قد جمعت من الألوان والأحوال تحفا وخلعا وعطايا، ودعاه إليها كل يوم خمس مرات.
وجعل في كل لون وحال لذة ومنفعة لتكمل عبوديته، وتعظم كرامته، وتكفر خطيئته، فلكل لون نوره ولكل حال سروره، يجده المصلي قوة في قلبه، وعونا في جوارحه، وثوابا يخص كل فعل يوم لقاء ربه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أرأيتم لو أن نهرًا ببابِ أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا) وعنه صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يوما فقال: (من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة) فيصدر المدعو من هذه المأدية وقد أشبعه مولاه وأرواه، وخلع عليه خِلع القبول وأغناه، لأن القلب كان قد ناله من القحط والجدب والجوع والظمأ ما نال
وتحدث فضيلته في خطبته الثانية عن فضل الصلاة فقال: لما كان جدب الأرواح متتابعاً، وقحط النفوس متوالياً جدد الله الدعوة إلى هذه المأدبة حيناً بعد حين، رحمة منه وفضلا
فلا يزال العبد مستسقيا من بيده غيث القلوب وسقيها، مستمطراً سحائب رحمته وريها، لأن لاييبس ما أنبتته له من كلا الإيمان وثمار الإيقان..
قال الله عز وجل {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا (79) وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا (80) وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}.
ثم اختتم فضيلته خطبته الثانية بأمر الله لنبيه يحيى عليه السلام فقال: إن الله عز وجل أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بها ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها الحديث، وكان من ذلك أن قال: “وإن الله أمركم بالصلاة فإذا صليتم فلا تلتفتوا فإن الله ينصب وجههُ لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت”
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” إنما يكتب للعبد من صلاته ما عقل منها ” .
فسر الصلاة وروحها ولبها إقبال العبد على الله بكليته، فكما أنه لا ينبغي له أن يصرف وجهه
عن قبلة الصلاة، فكذلك لا ينبغي له أن يصرف قلبه عن سيده ومولاه، فبيت الله قبلة وجهه، ورب البيت قبلة قلبه، فإذا أقبل على الله أقبل الله عليه، وإذا أعرض أعرض الله عنه .