حسين الجعفري يرحمه الله
د . ضيف الله مهدي
الممارس الصحي حسين بن إبراهيم بن جابر جعفري يرحمه الله
في عام ١٣٩٣هـ ، وصلت أسرة الشيخ الشريف إبراهيم بن جابر جعفري يرحمه الله إلى بيش من محافظة الطائف وكان يعمل في الجيش العربي السعودي ولا أدري ما هي رتبته العسكرية .. كان موسى وجابر جعفري يدرسان معي في الصف الرابع الابتدائي وكان بيننا تنافس لأبعد الحدود في التفوق الدراسي إضافة إلى أن موسى وجابر رحمهما الله كانت يمتازان بجمال الخط والكتابة . كان حسين رحمه الله هو أصغر أبناء الشيخ إبراهيم جعفري وإن لم تخن الذاكرة فقد كان يدرس بالصف الثاني الابتدائي . في عام ١٣٩٤هـ كنت وجابر وموسى يرحمهما الله في الصف الخامس وكان أخوهما العميد محمد إبراهيم جعفري في الصف السادس الابتدائي . بعد نجاحنا من الصف الخامس انتقلت أسرتهم جميعهم إلى ساحل قوز الجعافرة وأظن سكنوا البطيح أو الرجيع أو العرضة مش فاكر بالضبط ، في غيبتهم هذه التي استمرت سنتين أو ثلاث توفي والدهم رحمه الله تعالى وكذلك ابنه جابر زميلي في الدراسة ، وعادت أسرتهم المكونة من العميد محمد والأستاذ موسى وحسين وأخت لهم أصغرهم وأمهم رحمها الله إلى بيش وسكنوا بالقرب من عمهم الوالد محمد بن جابر بن إبراهيم جعفري يرحمه الله ، موسى يرحمه الله يدرس معي في الثالث المتوسط والعميد في الأول الثانوي وجابر توفي يرحمه الله وحسين يرحمه الله في السادس أو الخامس الابتدائي وهكذا سارت الحياة فحسين التحق بالمدرسة المتوسطة وموسى التحق بمعهد المعلمين وأنا بالثانوية وبعد التخرج من الثانوية التحقت أنا بجامعة الملك سعود فرع أبها كلية التربية . ومحمد التحق بكلية قوى الأمن الداخلي والتي أصبحت تعرف بكلية الملك فهد الأمنية ، وموسى معلما للمرحلة الابتدائية . ولأننا أبناء حارة فكنا نلتقي باستمرار وحسين قد كبر وشاب وطال وعلى وشك التخرج من الثانوية فكانت تجمعنا جلسات ومجالس يسودها الود والحب والإخاء والصداقة .. وتخرج في ثانوية بيش والتحق بكلية الطب فرع جامعة الملك سعود في أبها وكان ذكيا وشاطرا وكنت أنا في السنة الأخيرة بالجامعة وكم ليلة طلعنا سويا لأبها ، وكم ليلة سمرنا سويا ولأن بيته قريب من بيت أبوي فكنت أروح له أمشي . وكنا نجلس سويا أنا وهو وغريب الأعرج ونطلع للبحر أحيانا في بعض الأحيان وكانت لنا جلسة كل يوم خميس تضم كل من : حسين جعفري وحسين غازي وحسين مناعي وعبد الله سليمان مليحي وعلي غازي وغريب الأعرج وأحمد زيلعي ويعذرني من نسيته ، جلستنا علمية أدبية فنية ، حتى أنني أقوم أرقص ويشاركني هو الرقص ولا زلت أرى ابتسامات العم سليمان مليحي الذي توفي أمس يرحمه الله وتوفي حسين صبيحة اليوم الخميس ١٧ ذو القعدة ١٤٤٣هـ ، فكانت اجتماعاتنا دورية كل خميس عند واحد ممن ذكرت فلما نكون عند عبد الله سليمان يأتي والده يسلم علينا ويجلس معنا شوي ويذهب وفي أثناء تواجده أقوم أنا وحسين نرقص وهو يبتسم ويضحك ، رحمهم الله جميعا ما أقصر الحياة لولا فسحة الأمل . حسين انسحب من كلية الطب وحول لكلية التربية ثم انسحب من كلية التربية وذهب لجامعة الملك عبد العزيز بجدة ثم انسحب ثم واصل في كلية من الكليات الصحية وتخرج وتعين في مستشفى بيش العام واستمر حتى انتقل إلى جوار ربه ، وكنا دائما نلتقي ودائما يشيد بكتاباتي ويمتدحني ، حضرت زواجه الأول في قرية المحلة غوان عند آل النمازي وزواجه الثاني عند آل أبو راسين لم أكن موجودا في بيش حينها .
حسين يرحمه الله – والدموع تسيل – كان طيب القلب نظيف من الداخل والخارج أنيق حبوب يعرض خدماته على من عرف ومن لم يعرف وما عمري ألتقيت به في مستشفى بيش إلاّ سار معي يخدمني . ابتساماته لا تتوقف ومرحه على طول يضحكك لو كنت في أسوأ الحالات النفسية والحياتية لا ينم ولا يغتاب ولا يذكر أحدا بسوء .. الله ما أجمله وأطيبه .. تكنى بأبي صدام ، فكنا نناديه أبو صدام . مرة التقينا سويا في مطعم النجمة واشترى هو وكان أهله معه ( الممرضة ) وهو خارج قال لي : أي خدمة يا دكتور ؟! قلت له : تعال اشتر لي رز وسمك ومرسة !!
حط حاجاته في السيارة ورجع وأمسك به وأرجعه وهو يحلف إلا يشتري لي وأنا أحلف إني أمزح معه وبالقوة يرجع للسيارة . حياة حافلة بالحب والمودة والعطاء والتعامل الرائع مع الناس ، فرحمك الله يا أبا صدام الشريف حسين بن إبراهيم بن جابر جعفري وجعل الفردوس الأعلى من الجنة نزلك ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .