محمد الرياني
وهما يتشبثان بالقِدرِ الأبيضِ كي لايقع وبيدها ضرعٌ وبيده ضرعٌ آخر، سألها! متى بدأنا نحلب سويًّا؟ ، كان يضع يده خلفَ ظهره من طول البقاء جالسًا، زمَّتْ شفتيْها، لا أتذكر؛ ربما منذ وُلدَ العجلُ الأبيض، انتصفَ الإناءُ وهما يضغطان على الضرعين والبقرةُ في سكون، ألهتْها فروعُ القصبِ الأخضرِ الذي تأكله ، قال لها لقد كبرَ العجلُ الصغيرُ واقترب لأن يكون ثورًا، نظر إليهما الثور الأبيض بعينين براقتين وهما لايزالان يحلبان أمه ، خاف من أن يقطع حبله الهشَّ الذي لم يُستبدل منذ ولادته، قالت له لاتقلق منه فلم نعهده مشاكسًا، ضحكَ وهو ينظر لزبدِ الحليب وقد فاض من سطح القدر، نظرتْ معه للمنظر الأبيض، قال لها تذوقي، رفضتْ وأصرتْ كي يشربا سويًّا من الإناء، انقضَّ العِجلُ على حين غفلة منهما،بدأ بنطحِ ظهرِ أمه، تحركتِ البقرةُ التي ألهاها العلف، اقترب منهما وكأنه لايعرفهما، ملأ الحليبُ الأرضَ من حولهما، وضعَ يدَه على فمه وبه بقايا من الحليب وعلى ثغرها بقايا أخرى، قالت بحزم: اليومَ هو يومُ السوقِ الشعبي لبيع المواشي، لقد وجب بيعُ العِجلِ الشقي، قال اصبري عليه وسيكون عاقلًا إذا كبر، اقتنعتْ برأيه ، اشتريا حبلًا جديدًا ووثقاه به كي لايَغيرَ عليهما ثانية، استبدلا الإناء بآخر لايُحدث صريرًا، خافا من غيرةِ العِجل، جاء اليوم الثاني، هي تحلبُ وهو ينتظر، حتى إذا عجزتْ أمسكَ بالضرعِ من جهته ، لم يُطعما البقرةَ هذه المرة، أصدرتْ خُوارًا مزعجًا، أجمعَ الثورُ كلَّ قواه ليقطعَ الحبلَ الجديد ، اقترب منهما بقرنيه ، تركا له القِدرَ والمكان ، ذهب به إلى لسوق وباعه في اليوم الثالث ولايزال الحليبُ يملأ ضروعَ أمه، أصبحَ المكانُ بلا بقرةٍ ولاضروع، نام في الليل وهو يتحسسُ ثدييْ رفيقته يريد أن يحلب ، صاحتْ فيه والنعاسُ يغالبها، لستُ البقرةَ ياشقي ، هل نسيتَ أننا بِعناها بسببِ العجل.