محمد الرياني
في مكتبِ الدكتورة هيا تجلسُ الصغيرةُ على الأريكة ، الدكتورةُ هيا تريد أن تُكرَّسَ فعلًا نبيلًا ، تأتي سميرة؛ شابةٌ في مقتبلِ العمر، تضعُ يدها على جبينِ الصغيرةِ لتتأكدَ من وضعها فابتسمتْ من اللمسةِ الحانيةِ من يد سميرة، قالت الدكتورة هيا للفتاةِ الشابةِ رافقي الصغيرةَ وأباها لعملِ اللازم ، ممراتُ المستشفى بدتْ بيضاءَ نقيةً كنقاءِ قلوبِ أصحابها الذين يتنقلون عليها لفعلٍ إنساني، في الفرز يريدُ أصحابُ الأرديةِ الجذابةِ أن يجعلوا من أيديهم علاجًا قبل بدءِ العلاج، سألتُ سميرةَ عن القسمِ الذي تعمل به، صمتتْ ثم قالت بلغةٍ خافتةٍ إنها متطوعةٌ للعملِ في المستشفى، انتباتني لحظةُ فرحٍ عارمة، تلاشتْ عندي وتيرةُ القلقِ أو اقتربتْ من التلاشي، مضتِ الأمورُ على مايرام، قرأتُ في ملامحِ الصغيرةِ أنها في تحسن؛ ابتسامتها البريئة شرحتْ ذلك، محياها الخجول يريد أن ينطق عن (هيا وسميرة) اللتين نسجتا من العمل الإنساني وصفةً مساندةً للوصفةِ الطبية، شكرتُ سميرة وأومأتُ لها بأن تعود إلى مكانها فلربما كانت هناك حالةٌ أخرى تبحثُ عن ابتسامةٍ جديدة، غادرتِ الصغيرةُ المكانَ الأبيضَ الذي يموجُ بالعملِ الخلّاق ونحن في سرور، قالت لي وهي تجلس إلى جواري إنها تريدُ وجبةَ إفطارٍ بعد انقطاعٍ قسري، أجبتُها حسنًا، سأفعل، جلسنا في مطعمٍ أنيق، قلتُ لصاحبه: بعضُ الصباحاتِ تبدو مختلفةً فهي تصنعُ تفاصيلَ جميلةً وتاريخية، هزَّ رأسَه بإعجابٍ وهو يوافقني الرأي دون أن أصارحه بحقيقةِ العملِ الإنساني في المستشفى القريب، كان يومًا جميلًا حقًّا، درسٌ من العملِ الإنساني تعلمتُه يختلفُ عن الدرسِ النظري الذي أخذتُه يومًا في دراستي.
شكرًا مستشفى أبو عريش العام، وشكرًا د. هيا وللمتطوعةِ سميرة ملايينٌ من الدعاءِ بالتوفيق.