مقالات مجد الوطن

٢٥ روايتي: شرارة وبناتها حرائق!!

 

بعد أن ارتهم برهانها آمنوا بكذبتها وبدوا التنفيذ، كان كل فرد من فريقهم يحب عمله، ولهذا فقد حافظوا على جودة أعمالهم وسيرتهم العطرة. كان لديهم جميعًا شيء مشترك فعلى الرغم من عملهم الشاق، فقد بقوا دومًا نشيطين. إن لم يكونوا دومًا نشيطين، فلن يشعروا بالفرح كثيرًا في كل مرة يسلمون فيها مقاليد المباني والقصور التي انجزوها لأصحابها الأطراف المتفق معهم.

في السقيفة وعلى مائدة العشاء عزم (المنصدم) وأخذ قراره في معرفة أمر معقد لا يعنيه، وحل لغز لم يثابر أحدًا من قبل كي يختبر ذكائه فيه، وما أقلق (المتوهم) بالفعل كان سؤال (المنصدم) الحاد لل(الحكيم): “كم سنة إضافية ستظل بيننا يا أيها الشيخ الكبير كي تكفي لانتهاء الصبر المنتهي لدي وأعرف من أيوب هذا وما الذي أتى به إلى هنا؟”، لم يتملص الحكيم من جوابه كما كان يفعل معه المتوهم؛ لأنه حكم على نفسه بأمر البوح لكنه علق عليه بطريقة غير مألوفة للجميع: “على الرغم من انك أدخلته في خانة هو منها براء”، ثم تنهد (الحكيم) بحرقة حين تذكر أذى (المنصدم) المستديم ل(أيوب) واستأنف قائلًا: لكم وصفته بوصف ليس فيه، وأنا اليوم شيخ مهدور القوى، لدى سأزيح عن كواهلكم عبء التخلص منه بعد مماتي، هذا الشاب بعد ليال من انقاذك أنت والمتوهم له ازته الكوابيس أزا، وتكاثرت عليه، استيقظ والعرق يرهق من جبينه، هجر النوم، وجد نفسه يتجول إلى أن قاده همه إلى خشبة باب كوخي، في حين كنت معتكفًا على تسبيحي، شعرت بشيء يتحرك في الخارج، حملت قنديلي ونظرت من ثغور النافذة، ثم قلت:
– من.. من هناك؟
رد عليَّ:
– أنا.. أنا.. أنا الغريب.
فتحت له واستقبلته، كنت أظن أن هذا الشاب يبحث عمن يفضفض له بأمر يقلقه ويؤرقه، لكن ظني كان في غير محله وما بثه لي لم أكن اتوقعه ولم أفكر فيه ولا حتى انتم فكرتم فيه يوم ما، عظم هذا الشاب في عيني.. يا سادة لقد..
قال (المنصدم) ساخرًا:
– الشاب.. الشاب.. الشاب.. الشاب.. هذا أكبر مني، لا يظهر عليه سنًا ولا ضرسا.
رد عليه (الحكيم):
– هذا الذي تقول عنه أنه أكبر منك زوجتك أنجبت شابًا من أترابه.
– زوجتي تزوجتها صغيرة!
– أعلم فأنا من عقد قرانكما إنها ابنة ال
– الخامسة عشر
– الثامنة عشر أو الخامسة عشر أيًا كان العدد الذي اقترنت بها فيه، فأنت من المفترض أن تكون في منزلة أباه، فمثله وأن تزوج في يوم بلوغه لا يستطيع أن ينجب طفلة في عمر من هي بمثابة أمه.
– لكنه كبيرًا في السن.
– هو بالضبط في ذات عمر ولدك، فلا تعكس ما أنت عليه فيه، هو ليس مراتك. والمهم حالًا يا (المنصدم) لا تقاطعني بأحاديث جانبية تشتت العقول لا تسمن ولا تغني من شبع! ودعني أسرد لك تفاصيل الذي تبحث كنت عنه، في تلك الليلة قضينا الربع الأخير من الليل وهو يعرض عليَّ اراءه وأنا أفكر فيها، فضلت أن أطلق تكهناتي حول عروضه الغير ملموسة، مثلًا هذا المكان كيف كان وهل كان من المتوقع أن يتبدل حاله إلى هذا الحد ويصبح على ما هو عليه اليوم؟ بالطبع في ذلك الوقت كان لا تصور لدي لأن خيالي كان فقيرًا ومحدودًا بما أعرفه، فلم أكن ممن لديه خبرة فيما يتكلم عنه من البناء والاعمار، ولم يسبق لي مشاهدتها. تحمست لعمل أي شيء مما قاله وبدأ لي الأمر مقنعًا وعقب هذا اللقاء عجلت في المسائل المتعلقة بالتنفيذ العملي، لكن عزيمتي انخفضت وشعرت بالضعف وتلاشت كل خطط التعمير الجميلة التي طمحت إليها، وفي صباح يوم وعلى طبلية إفطار هذا المقر كنا نتناقش وكان أكثر ما أثار نقاشي هو تساؤلي عن كيفية إتمام العمران أو حتى البدء به وبيت مال الشعب شحيح؟ وعبر كاسات الشاي والارغفة والسمك المشوي أعطاني (أيوب) الفكرة المنتجة والتي أدارت علينا فيما بعد الأرباح الجزيلة، قال لي: ”
الروح/ صفية باسودان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى