محمد الرياني
أحضروا أوراقَ بيضاءَ عليها طلاسمُ وربطوها في الأرجلِ الحمراء للطيورِ الرقيقة ، طار الحمامُ إلى جهاتٍ غيرِ مقصودة، دخلَ مغاراتٍ مهجورةً بحثًا عن مُستقبِلٍ للرسائل، الأماكنُ موحشةٌ تسكنُها الأشباحُ ويسيطرُ عليها الخوف، على مقربةٍ من المغاراتِ كهوفٌ متعرجةٌ بلا قيعانَ واضحة ، فحيحُ الأفاعي يجعلُ المكانَ مرعبًا، نفرتِ الحمائمُ وقد أثقلتْها الرسائل ، خرجتْ نحوَ الشمسِ لترى الحياةَ من جديد ، مرَّتْ على أعشاشَ خضراءَ بنتْها العصافيرُ للتو ، تنفستِ الصعداءَ وفي رؤوسِها البريئةِ منظرُ العتمةِ والخوف، نظرتْ في فتحاتِ الأعشاشِ لترى البَيْضَ الصغير ، غادرتْ بسرعةٍ حاملةً الأوراقَ غيرَ المفهومة، فجأةً تظهرُ نسورٌ مُخيفةٌ لتخطفَ الرسائلَ مع خيوطِها التي رُبطتْ بها، ذهبتِ الطيورُ البيضاءُ لتُعقِّمَ أرجلَها من ماءِ النهرِ القريب، شربتْ حتى ارتوتْ بعد رحلةٍ من البحثِ المحفوفِ بالمخاطر، عادتْ إلى السِّربِ الذي انسلّتْ منه ، رفرفتْ كلُّ الطيورِ فرحًا بعودةِ حاملي الرسائلِ الغائبين ، حلَّقتْ مجتمعةً فوقَ النهر، جاءتِ النسورُ لتتخلصَ من الطلاسمِ التي في مخالبها ، حاولتْ أن تُلقيها في النهرِ فنجحت ، ذابَ الحبرُ الأسودُ بالحروفِ في الأعماق ، بقيَ النهرُ صافيًا ولم يتغير ، اصطفتْ كلُّ الطيورِ لتحمي النهرَ من الجوارح ، قدِمَ أصحابُ الرسائلِ يضحكون على فعلِ الطيور ، لم يكنْ على الورقِ رسائلُ ليغرقَها النهر .