مقالات مجد الوطن

جزء من روايتي: شرارة وبناتها حرائق!!

 

الروح/ صفية باسودان – جازان

تحدثت لابنتها عن كل شيء حتى مطلع الفجر، عن زواجها، وعن فتنة الفتاة القاصرة، وعن معركة غير متكافئة بين من لا عدة لها وبين قائد مغوار ذو خبرات وفتوحات متواصلة، يفتح حدودًا وفورًا يحتلها كمدينة كاملة. وفجاءة سألتها:
– أتعرفين ما الشيء الفاجع؟ إنه الدنيا التي لم تكن معي لعب ولهو ولم تسمح لي أن اتمتع بزينتها، كانت مستفزة وهادئة.. غاضبة وقاسية، كانت وحشية وحشية وحشية، وعندها فقدت أعصابها، كان ذلك يحدث للمرة الأولى. وصاحت: “هذا حرام.. حرررررررام.. إنه زنا بعقد شرعي”.
استدرجتني الجملة وأخذت برأسي ثم رمته بقوة كما لو انها حركت مركزه فانهال التراب عن شريط من اشرطته الغابرة، انبثق منه لقاء تلفزيوني من تسجيل قديم واندفع كما يندفع البركان.
المذيع: أستاذ (نزيه) أنت كاتب كبير ومخضرم وقامة أدبية ذو فكر خاص، فهل أنت من قال ان زواج القاصر ما هو إلا زنا بعقد شرعي؟
هز رأسه المبتسم هزات تنم عن الموافقة، وأجاب:
– نعم.. نعم أنا الذي قلته.
– ألا تخشى من تصريحك هذا أن يغضب ويثور عليك أفراد المجتمع؟
عدل غترته كجناحي طائر، وضع ركبته اليمنى فوق اليسرى حتى اتسقتا، ثم شبك أصابعه العشرة فوقهما، ورد عليه:
– لا.. هذه حقيقة.
– وما هو السبب الذي دفعك لقولها الآن؟
– آآآ.. السبب! أأأ.. حقيقة.. حقيقة وبس.
– ألا تريد أن توضح لمتابعيك ولمحبيك ولكل من يسمعنا الآن كيف اكتشفت ذلك؟
– شوف.. لا هي واضحة.. حقيقة وبس
بينما أنا أتذكر دفعني التوافق اللفظي بين الشخصيتين للاتصال ب(قناعة)، كان أكبر همي أن أجد الحلقة المفقودة بين شخصية السيدة التي لها تجربة ذرفت فيها من الوجد دموعًا لا تذرفها إلا من انعدم حظها أو قل نصيبها من الدنيا، وشخصية السيد الذي له باع في مجال الكتابة.
لم تسمح نفسي لمزاجها أن يماطلها، فركضت من علو الهمة كي أجلب الجوال من حجرة نومي، وإذ بي أسمع رنينه المرتفع، أسرعت لالتقاطه، وفي الأخير فتحت الخط قبل أن يصمت.
– الو..
– قناعة كنت سأتصل بك الآن.
– هل هناك جديد طفى على السطح؟
– هل سمعتِ عن الكاتب (نزيه)؟
– الجيف!
– هل تعرفينه؟ أجيبي بنعم أو لا
– نعم.. نعم.. نعم، ومن منا لا يعرف (سميع ابن اذن صاغية).
– قلت لكِ (نزيه).
– أعلم ولكن هذه تسمية خاصة أطلقتها عليه.. ما به؟ هل مات؟ الحمد لله.
– هههههههه.. استغفر الله.. لا مازال حيًا.
– قريبًا ان شاء الله نسمع خبره.. على الرغم اننا نسمع على الدوام إنه دخل المستشفى في حالة حرجة ولكنه يخرج كما لو انه لم يدخلها.. كان المفترض أن يذاع الخبر بالشكل الصحيح.. دخلت الحالة الحرجة إلى المستشفى برفقة حارجها حتى ماتت وعاد للحياة هو!.. وسميع هذا ما به؟
– ركزي معي لقد تذكرت انني سمعت لقاء عتيقًا له قال فيه بالحرف الواحد ما قالته أمك “زواج القاصر زنا بعقد شرعي”.
– وهو من تزوجه حتى أنطقه بهذا؟
– هو نسب المقولة له دون ذكر سبب قولها وأنا أبحث عن سبب اعلل به قول أمكِ لأجد فيه ما لم أجده في مقابلته التلفزيونية.
– لن تجدي عنده شيء، فلو كان عنده شيئًا لقاله، هل تظنين أن هناك مانعًا منع رجل كتب الإغراء ووصفه من السرة إلى أن ساحت الورقة تورية واستعارة.. كناية وصريحة.. لم يترك خرقة إلا سد بها فتحة ولا مفرق نهدين إلا وعبره وحولهما تنسك وعبد…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى