مقالات مجد الوطن

سلطة ( النقل ) !

 

بقلم : احمد حسين الاعجم

 

اكتشفت اننا نقدس ( النقل ) ليس فقط في الامور الدينية

بل حتى في كثير من امورنا الحياتية

فكثير من كلامنا واساليبنا في التعبير عن مشاعرنا وفي الادعية والمباركة وتسمية الاماكن والاوقات والاشياء منقولة ومكررة

 

فمثلا

الان ومع قدوم شهر رمضان معظم الناس يرددون

دعاءً مكررا ومنقولا

وهو

( اللهم بلغنا رمضان

مكتملين مجتمعين

متحابين لا فاقدين ولا مفقودين )

وكأننا عاجزين عن ايجاد دعاء يعبر عنا نحن وعن شخصياتنا وزمننا وواقعنا

للترحيب برمضان

مثل

( حيا الله شهر الصوم

شهر اللّمة العائلية

اللهم أعن كل مغترب عن اهله وبلده يا كريم )

 

 

وايضا في المباركة بالمواليد الغالبية يرددون

دعاء

(بارك الله لك في الموهوب وشكرت الواهب، وبلغ أشدهُ، ورزقت برهُ

وجعله الله من حفظة القران )

ويمكن القول

( مبارك عليكم المولود

اسعدكم الله به

واسعده بكم )

 

وايضا في امور الزواج والنجاح

تجد معظم الناس يحفظون ويرددون عبارات مكررة ومنقولة

وكأنها مقدّسة

حتى انهم يحرصون على عدم الخطأ فيها !!

دون اي اجتهاد شخصي

 

ثم جاء (النسخ واللصق )

فزاد ( النقل ) تقديسا وتأثيرًا في وسائل التواصل

فمباركة واحدة يتم نسخها ولصقها من كل المباركين !!

وكذلك الادعية الدينية

 

ومن المنقول المقدس

اذكر في مرة قلت لأخ وصديق عزيز وغالي في اتصال هاتفي ياخي انا

( احبك )

فرد علي ( احبك الله فيما احببتني فيه )

فقلت له : اسمح لي انت انسان مبرمج

ياخي هذه العبارة مكررة

ياخي رد (بشكرا )

تكفي

او اي عبارة تحس بها انت

قال : انت علّة

ياخي هذه العبارة التي تقال في مثل هذا المقام

قلت : يعني منقولة ومكررة

قال : طيب وانا احبك ارتحت

ضحكت وقلت :

نعم ارتحت لأني اخرجتك من ( سلطة النقل )!!

 

 

ايضا من الامور التي يستنكرها الناس لأنهم ألفوها من النقل

ان تقول ( شهر رمضان )

بدون كلمة (المبارك )

او ( مكة) بدون (المكرمة)

او ( المدينة ) بدون ( المنورة )

يستنكرونها بقوة

مع انها كلها اضافات اجتهادية لا علاقة لها بالدين

 

هذه نماذج فقط

والامثلة كثيرة

 

حقيقة سلطة النقل شيء مدهش

واستسلامنا له اكثر دهشة

 

وللأمانة

اجد القليل والقليل جدا

ممن يعبرون عن مشاعرهم او يردون على مشاعر الاخرين او يباركون لهم بردود وادعية تمثل شخصياتهم وثقافتهم

واشهرهم عندي شخصيا

 

( أحمد السيد عطيف

 

و عبدالرحمن موكلي )

 

فلديهما اسلوبهما الخاص والجميل والمتجدد والمتفرد في الكتابة اولا

 

ومن ثم في الردود والمباركة والادعية

 

واشعر وانا اقرأ لهما

بمشاعر مختلفة وجميلة

بل وتعلمت منهما ان اغيّر في تعابيري

ووجدت الامر بسيط جدا

لكنه ممتع للغاية

لأنك تشعر انك تعبر عن مشاعرك وذاتك وشخصيتك وثقافتك

وانك ابن زمنك وواقعك

تشعر انك انت من يبارك ويدعو

وليس غيرك !!

 

فالتجديد

امر جميل وممتع

 

بينما التكرار ( والنقل )

امر عادي ورتيب ومملّ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى