مقالات مجد الوطن

قال لها وهي صامتة….. 

 

محمد الرياني

 

أخذَ يستحثُّها على الحديث، لم تجب ونطقتْ وجْنَتاها الورديتان من الخجل، همتْ دمعتان رقراقتان كادتا أن تحرقا الصمت، في الطريقِ الطويلِ الذي جمعَهما بقيتْ في حالِ الصمتِ وهو يقطفُ من فمِه مفرداتِ الغزل، ظلَّ ينظرُ إلى أزهارِ الطبيعةِ على جانبيِ الطريقِ ويستلهمُ منها كي تستفيقَ رفيقتِه من حالةِ الصمت، توقفَ عند نبتةٍ متوسطةِ الارتفاعِ أزهارُها حمراءُ تحاكي وجنتيها، قطفَ منها وردتين وناولَها فانفجرتْ ضاحكةً قسرًا، تنفَّسَ الصعداءَ وكأنَّ جبلًا يشبهُ الجبلَ القريبَ قد انزاحَ من على صدره، سألتْه! إلى أين نحن ذاهبان؟ أراد لها أن تضحكَ أكثرَ ليرى ثغرَها الباسمَ الذي غابَ عن الابتسام، نظرَ إلى الجبلِ المُخضرِّ حولهما، ذكَّرَها بالعصفورِ الذي مرَّا بجواره في الرحلة ، قالت : العصفور الحزين!! قال لها : لم يكن حزينًا؛ بل كان في أشدِّ الفرح، بصرُكِ هو الذي شاهده حزينًا، أرادتْ أن تعودَ لحالةِ الصمتِ، أخذَ بيدها ومشى بها وجلسا تحت ظلِّ شجرةٍ مُعمِّرة، سألَها عن عُمْرِ الشجرة، تنهدتْ وقالت:يبدو أنَّ أممًا قد تعاقبتْ عليها وهي على هذا الارتفاع، ليتَ لنا عُمْرًا يشبهُ عمرَها، ليْتَنا نُعمِّرُ حتى نكونَ أوراقًا رائعةً يتضوعُ شذاها في كلِّ مكان، عانقَها وضمَّها ليزيحَ عنها الحُزنَ والهمَّ الذي أصابَها، أرادَ أن يغادرَ المكان، أصرَّتْ على البقاء، قالت له : الجوُّ في السماءِ اليومَ رائع؛ هزَّ رأسَه ونظرَ إلى الأرضِ وهو يقول : وجوُّ الأرضِ يشبهُ روعةَ السماء، نحن بين روعتيِ الأرضِ والسماء، سألها عن سرِّ الصمتِ فلم تجب، نظرتْ إلى عصفورٍ بريء يهبطُ إلى الأرضِ دون ضجيج، قالت له : أريدُ أن أكونَ عصفورةً مثل هذا الأبيضِ البريء، هنا عرفَ سرَّ الصمت!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى