بقلم أ : عنبر المطيري
تجتاحنا الكثير من جثث الأفكار الخَرِبة في سطور النصوص المطوية، وكأنها تصفصف الكلمات بواقع يثيره المحتوى الداخلي في بطن النص .
فلا أحد أكثر شراهةً على تملك العالم من الكتابة …
لأن الكاتب يمتص العالم، ويحوله من واقع إلى رمز، إلى صنف مرسوم ، إلى رؤية يتداولها القراء كحربٍ أو كنزف أو ككوثر ينهلون
منه الإمتاع والإعجاب ..
وعلينا أن ندرك ان الكاتب المحترف هو الذي ينتبه لفوضى الحياة من ظروف ومواقف وهنات، ينجح في تصيدها كمفكر ، ليقولبها في نصه، كمادة هرب فيها من عالم يعيش بداخلها دون خوف، ليعبر بها إلى الخيال، مطبباً اعوجاج الأسباب، بطريقة فنية يتعاطاها بشغف وباحتراف.
والكاتب المذهل حقاً هو الذي ينجح في تعافي الفكر البشري من ثقل الاعتيادية، إلى رؤية الواقع بنظرة متجددة تعكس لنا أذواق القراء، من خلال خلخلته لسلطة المادية، والرمزية ،و الرأي العام ،وخروجه من صنف المفعولية، والخضوع الأعمى لفضاء حضاري يشحذ به ذهن القارئ بطاقة الناقد ضد هيمنة سلطة الواقع الذي من الممكن أن يشوه المعنى الحقيقي للمرئيات .
وإلا فكيف ينجح تعاطينا اللغوي مع الجانب الناعم للإنسان ..عاطفته ، وجدانه ، أفكاره ، أحلامه كذلك ؟!
فكل هذه الجوانب مجرد جذور يربطها الكاتب بذكائه، مابين متراداف وتضاد وصورة حرة تتسع أو تضيق تحت تأويل لغة القارئ والتي أينعت بدلالات المجاز، ورقي الفن الذي يربط به تلك التصورات..
وكل هذا من واقع متخيل يرصده الكاتب وينهض فيه محاوراً بين قوة الكاتب ورقي القارئ، بوقوفه على نصه كحاكم يستجلب من خلاله لوحات متلاشية لتجمعها له نهضة الإبداع والرصانة، ويؤكد بذلك لنا الكاتب أن الخيال يخلق إطار الذكرى متجردة من نبوةِ الواقع .