ضيف الله مهدي
في الدرعية يوم عاد النور الذي كان قد خرج إلى موطنه الأهلي .. النور الذي بدأ وانبثق منك يا وطني فأنار كل العالم ، عاد مرة ثانية فأنار كل الدروب .. يوم ٢٢ فبراير ١٧٤٤م . أسس الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى .. وهنا ظهر النور مرة ثانية .. ثم اجتمع الإمام محمد بن سعود يرحمه الله بالإمام محمد بن عبد الوهاب يرحمه الله ، فقررا محاربة كل الشركيات الموجودة وإعادة الدين الإسلامي الصحيح الذي جاء به نبينا محمد عليه الصلاة والسلام .
في ذكرى يوم التأسيس سيدي الوطن أبدأ معك بالحب والاحترام وقبلهما السلام ، فأقول : في يوم مشرق شمسه صافيه وهواؤه يشفي العليل ، والورود تغني والنرجس مال يمين وشمال .. والقماري تغرد ، والعصافير ترقص طربا والعنادل تغني والكروان يطرب والزرياب بصوته الفتان يسلب العقول وأمطرت السماء عنبرا وطيبا ومسكا واخضرت الأرض ، وتوحدت العقول والقلوب وقبلهما الأرواح وتآخت النفوس ، أتت إلى الدنيا دولة الإسلام والسلام فأنارت الدنيا بنور ربها ، واستمرت ما يقارب ٧٦ عاما ، ورغم الحرب التي شنها عليها أعدائها من كل مكان إلا أنها استمرت وجاء الإمام تركي بن عبد الله وسار على نهج أجداده وأسس الدولة السعودية الثانية ، ورغم الحرب التي شنها عليها أعدائها إلا أنها لم تمت وجاء الفارس الهمام الملك الضرغام السلطان العادل الملك الراشد عبد العزيز آل سعود فأعاد الملك وعاد النور وانتشر ووحد العقول والقلوب والأرواح .. وأقام الدولة العظمى .. الفاتنة الحسناء فسبت العقول ونهبت القلوب .. فهام بحبها الكل وتسابق الخطاب إليها ، كل يخطب ودها عله ينال رضاها .. فعانق الساحل الغربي في فرح ، شواطىء الساحل الشرقي في حدب .. وقبلت نجد في الصحراء أخوتها .. من شط عنها ومن تلقاه عن كثب .. فوشوشت زهرة الريحان جارتها .. قالت لها : هات بعض الطيب واقترب ، فاليوم يوم العلا .. هيا لنملأه .. بالزهر والعطر والانشاد والطرب “.
في ذكرى يوم التأسيس أقول :
صباح الخير يا وطني يا جوهرة الدنيا ، يا قبلة الأرض يا لؤلؤة الأرض يا ريحانة الأقطار ، يا ينبوع أمل العالم يا هدية الله إلى الأرض تعجز الكلمات أن تعبر ، لا تساعدني الأفكار أن تحكي ، يعجز قلمي أن يخط بمكانتك ومجدك وعلو منزلك يا وطني . يا قبلة المسلمين ، يا بلد الجميع فيك قبلة المسلمين وفيك مسجد أسس على التقوى من أول يوم ، وفيك مسجد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . يحوي ثراك الطاهر أشرف خلق الله وأعظمهم وأعلمهم وأطهرهم وأتقاهم وأرحمهم سيد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله بن عبد المطلب عليه الصلاة والسلام.
فيك أطهر بقاع الأرض .. فيك بيت لله وفيك روضة من رياض الجنة . فيك أطهر بقاع الدنيا .
يا وطن الخير ، يا وطن الأمن ، يا وطن السلام كم أنت جميل يا وطني وستظل جميلا . ستظل يا وطني ياقوتة الأرض ، وستظل جنة الدنيا ومهوى أفئدة الناس ، وستظل ينبوعا لكل الخير ..
في ذكرى يوم التأسيس ، أود أن أقول : إني أفتخر وأعتز بوطني وطن المقدسات ووطن المنجزات .
في ذكرى يوم التأسيس نتذكر الأئمة والملوك الذين أسسوا هذا الكيان العظيم ( السعودية العظمى ) .
ثم نتذكر الإمام الفذ ذلك الشجاع المغوار ذلك الفارس الهمام ذلك الملك العادل الحريص على شعبه وأمته .. الملك عبد العزيز آل سعود ، الملك الذي وحّد الشمل ولمه وأعاد له هيبته ومكانته وأمنه وقوته ، ذلك الملك الذي وحّد القلوب والعقول وأنار الدروب وأقام المشاريع وصنع المجد والتاريخ وصنع إنسان هذه الأرض ..
في ذكرى يوم التأسيس ، نتذكر ما كان عليه إنسان هذه الأرض وما عايشه من فقر وجهل ومرض وعداء .. كيف تحوّل الجهل إلى علم وسيادة والفقر إلى غنى والمرض إلى صحة وعافية والعداوة إلى تآخي ووئام ووفاق وحب وسلام . كيف تحول الخوف إلى أمن وأمان .. فتلهج الألسنة والقلوب بالدعاء لكل الملوك الأوائل وبخاصة للإمام العادل الراحل الملك عبد العزيز آل سعود بالمغفرة والرحمة وأن يسكنه الله فسيح جناته .
في ذكرى يوم التأسيس فإننا نتذكر ما قام به الملوك والأئمة وجهادهم ودعوتهم وحروبهم من أجل أن يستمر ويبقى هذا الكيان العظيم ( الإمبراطورية السعودية) ونتذكر الإمام العادل ونتذكر جهاده وقتاله شجاعته وصبره وكفاحه وسهره وتعبه وفرحه وحزنه وبره وإحسانه . نتذكر حرصه على إخوانه المسلمين ودعوته لتضامنهم ولم شملهم واتحادهم أمام عدوهم نتذكر حال الجزيرة العربية ووضعها ، نتذكر الحرمين الشريفين ونتذكر الحاج ومعاناته وتكبده وتحمله المشاق والخوف من أجل تأدية فريضة الحج ، وكيف تبدلت الأحوال والأوضاع وأصبحت المشقة والمعاناة نزهة وسياحة وعبادة وتوسع الحرمان الشريفان إلى ما نراه اليوم ولم يصل إلى هذه التوسعة من قبل .. نتذكر كيف تحول العطش والجوع وتبدلا فالمياه على الممرات والطعام متوفر للجميع والأمن والأمان والطرق والمسالك الوعرة والضيقة قد أصبحت شوارع فسيحة مسفلتة وأنفاق وجسور تسهل الحركة والوصول إلى جميع المشاعر بيسر وسهولة وقلة تكلفة . نتذكر الصحراء والعطش والبيوت الطينية والخيام والعشش ، فأصبح ماء البحر حلوا عذبا فراتا، والعطش قد زال واخضرت الأرض وزال الظلام وأشرقت الأرض بنور ربها وزالت العشش والخيام والبيوت الطينية وحل محلها القصور والفلل والعمائر والبيوت الفارهة والحدائق الغناء والمنتزهات الجميلة .
ونتذكر الكتب والعلم والعلماء والمدارس والمستشفيات والمساجد والمكتبات وكيف تبدل الحال فالعلم دخل إلى كل منزل والعلم أصبح طلبه متوفر لكل من يبتغيه والمدارس في كل مدينة وقرية وهجرة والجامعات قد أصبح عددها أكثر من ثلاثين جامعة والكليات لا نستطيع حصرها ومهامها ، والمستشفيات في كل مدينة وقرية والمراكز الصحية قد غطت كل الهجر والقرى، والمساجد لا تحصى أعدادها في كل المدن والقرى وعلى طرق المسافرين وقد شيدت على أحدث طراز وأجمل بناء .. والمكتبات والكتب قد انتشرت وأصبحت في كل مكان والحصول عليها متوفر وسهل .
في ذكرى يوم التأسيس نتذكر الرياضة السعودية وكيف كانت ونرى التقدم والإنجازات التي حققتها في جميع المجالات والألعاب ووصولها إلى المحافل العالمية والمدن الرياضية والملاعب التي تضاهي الملاعب العالمية.
في ذكرى يوم التأسيس نتذكر الملك عبد العزيز المؤسس للسعودية العظمى ونتذكر ملوكا عاصرناهم ، الملك سعود يرحمه الله والملك فيصل يرحمه الله والملك خالد يرحمه الله والملك فهد يرحمه الله والملك عبد الله يرحمه الله واﻷمير سلطان يرحمه الله واﻷمير نايف يرحمه الله واﻷمير سعود الفيصل يرحمه ، وكل من خدم هذا الوطن الغالي ، فلا نملك إلا الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة وأن يسكنهم الله فسيح جناته وأن يطيل أعمار الباقين ويمتعهم بالصحة والعافية وعلى رأسهم والدنا المحبوب خادم الحرمين الشريفين ملك الحزم والعزم الملك / سلمان بن عبد العزيز وصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير/ محمد بن سلمان بن عبد العزيز وجميع أفراد الأسرة المالكة .. فلتبق يا وطننا ولتحيا شامخا سائدا ومتسيدا لكل الأوطان فأنت جوهرة الدنيا وأنت ريحانة الأقطار وأنت ياقوتة الأرض وأنت قبلة المسلين ..