د. ضيف الله مهدي
اليوم الجمعة الموافق ٥ رمضان ١٤٤٥هـ، خطبنا الشيخ الأستاذ حسن بن يحيى الأعجم خطبة رائعة جدا جدا وكانت عن الصدقة وأتى بأنواع الصدقات وفضل وأجر الصدقة والمنصات التي تستقبل التبرعات وتحدث وتحدث وأنا أستمع وأنظر إليه حتى لم يجعل لي ويترك خرم إبرة أدخل منه على موضوعه فأعلق ، وكأنه يقول لي : ” أغلقت عليك كل المساحات والطرق التي تستطيع منها الدخول فتعلق ” .. بسم الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله .. أنا أسعد كثيرا بطلابي لما يتفوقون علي ..
والصدقة تطفئ غضب الرب فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “(صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تُطفئ غضبَ الربِّ، وصِلَةُ الرَّحِم تزيد في العمر ) .رواه الطبراني في “الكبير” بإسناد حسن كما قال الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
وأفضل وقت للصدقة في رمضان .. فقد أخرج الترمذي عن أنس رضي الله تعالى عنه قال :سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الصوم أفضل بعد رمضان؟ فقال : ( شعبان لتعظيم رمضان ) ، قيل: فأي الصدقة أفضل؟ قال : ( صدقة في رمضان ).
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: كان رسول الله عليه الصلاة والسلام أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فالرسول صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة.
فإكثار النبي عليه الصلاة والسلام من الصدقة في هذا الشهر دليل واضح على أنها فيه أفضل منها في غيره وتتأكد هذه الأفضلية في العشر الأواخر وفي أوقات المرض والضيق والهم التي تلم بالإنسان .
ويسأل الكثيرين عن ما إذا كانت الصدقة في رمضان مضاعفة؟ الصدقة كغيرها من أعمال الخير والبر يتضاعف أجرها في رمضان لقول الله تعالى في ليلة القدر : ( ليلة القدر خير من ألف شهر ). وما ورد عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في مضاعفة أجر العمرة في رمضان ، فهو وقت كريم ليس كسائر الأوقات تتضاعف فيه أجور العمل الصالح والقربات.
وفي التسول كتبت مرة .. حب المال غريزة في نفس الإنسان ،فهو يحبه حبا جما لقوله تعالى : ( وتحبون المال حبا جما ). أي حبا كثيرا زاد بعض العلماء فاحشا . ويقول الله تعالى : ( وإنه لحب الخير لشديد ). ويقول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام : ( لوكان لإبن آدم واديان من ذهب لأبتغى إليهما ثالثا ،ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ).
ولم ينه الله أو يحذر أو يوبخ من جمع المال بالطرق المشروعة ، بل حثه على السعي في مناكب الأرض من أجل كسبه ،شريطة ألا ينسيه ذلك ذكر الله سبحانه وإقامة الصلاة وتربية الأبناء وتنشئتهم النشأة السليمة . أما جمع المال بالطرق غير المشروعة فسوف يحاسب عليها حسابا شديدا .. ولن تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ومنها ، ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه إلى آخر ما ذكر في الحديث الشريف.
وأصبح في الأيام هذه كثير من الناس يجمعون المال بطرق غير مشروعة ويتحايلون على الناس ويمثلون عليهم ويستخدمون ذكاءهم وفطنهم ولغة أجسادهم حتى يأخذوا أموال الناس ، وهم يحسبون أنهم قد فعلوا أمرا يحمدون عليه حينما استولوا على أموال الناس . ومن أسهل الطرق اليوم لجمع المال هي عملية ( التسول) والتي أصبحت في هذه الأيام ظاهرة من أكبر وأعظم الظواهر الاجتماعية –السلبية طبعا-وانتشرت بشكل يدعو للخوف والقلق والحيرة ، ولا تجد مدينة أو محافظة أو قرية أو هجرة إلا وفيها متسولين .. رغم جهود مكافحة التسول.
ومما يزيد النفس ألما على الألم الذي تعايشه من جراء ممارسة التسول هو قيام أطفال صغار بالتسول وآباؤهم أو أمهاتهم بالقرب منهم يحثونهم على متابعة ذلك الشخص وطلبه أن يعطيه صدقة وتسمع من هؤلاء الأطفال كلاما ودعوات لا يستطيع الكبار أن ينطقوا بها ،ولكنهم قد تعلموها وحفظوها وأجادوها إضافة إلى استخدامهم للغة الجسم من انكسار في العيون وحزن وأسى ووجوم باد على الوجوه وتخشب في بعض أجزاء الجسم .. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . وإذا كان هؤلاء الأطفال أصبحوا يمارسون الاحتيال والابتزاز وماهرين فيه بدرجة الامتياز مع مرتبة الشرف ، فكيف بالله سيكون هؤلاء عندما تكون أعمارهم في العشرينات فاكثر ؟ااا. وهل سيكون هؤلاء الأطفال الذين أعمارهم بين الخمس سنوات إلى عشر سنوات رجالا أسوياء في مقتبل العمر ؟ وهل سيخدمون مجتمعهم أم أنهم سيكونون عالة ووباء لهذا المجتمع وأداة هدم له حينما لا يستطيعون خدمة أنفسهم أو خدمة مجتمعهم لأنهم تربوا وتعودوا على الأخذ دون العطاء وبطرق الاحتيال والمكر والخديعة . وهؤلاء المتسولين يطلبون ريالا واحدا ولكن المتسولين السعوديين يطلبون مئة ريال ومئتين وخمسين وعشرين وعشرة ريالات .. وأقل شيء يطلب غداء ممكن يصل لأربعين ريال ، ويحرجونك بكثر الطلب والوقوف عندك ولا يستحون أن يطلبوا من الأطفال في سيارات آبائهم ومن أمهاتهم اللآتي في السيارة !!.