مقالات مجد الوطن

قصة جبريل 

 

جبريل طفل له من العمر (11) سنة ،

تعود ان يجلس أمام النافذة أيام المطر حيث تمنعه أمه من الخروج في الطرقات

يجلس بالساعات ليشاهد المارة

مستمتعاً بما يراه ومتفكراً فيما تسقط عليه انظارة ..

وكعادته كان يتأمل …

وصادف وقتها أن البرد كان شديدا والمطر ينهمر بغزارة

يقول جبريل:

في ذلك اليوم بالذات

كنت انظر من شباك غرفتي المطلة على حافة الطريق الصغيرة المؤدية للسوق،

وأرى الناس وهي تهم في السير خوفا من البلل

كنت ألاحظ المارة ..

مع إختلاف طبقاتهم

أشاهد أحدهم يضع المعطف الطويل على اكتافه ويمسك مظلة بيدة التي تكسوها الساعة ذات الغطاء والسلسلة الذهبية فأعرف أنه من الأثرياء ذوات الطبقة المخملية ..

وآخر يرتدي الجاكيت المزركش ببعض الخطوط البنية والرصاصية ذو الألوان الباهتة

ومظلة من عصر الجدود ..

وطبعا هؤلاء هم أصحاب الطبقة المتوسطة .

ويأتي دور الطبقة الكادحة

التي تحتمي من زخات المطر بلبس أكياس الارز المصنوعة من الخيش وهي العوض عن الجاكيت المزركش والبالطو الطويل !

يكمل جبريل قائلاً :

لكل شخص من المارة شأنه الذي يعنيه ..

وبينما كان جبريل في تفكرة بأحوال الناس

يقول : فجاة لمحت والدي قادم وكلما اقترب اكثر أصبحت ملامحه اكثر وضوحاً

كان ثقيل الخطوات لا اعلم اهو من الحذاء البالي أم من الجهد في تأمين لقمة العيش لي ولأخوتي

لمحت اتساخ الأيدي

والوجه المتغير الشاحب الذي أخذ منه التعب مأخذ كبير

عندها تنبهت على صوت أمي منادية، جبريل ؟

تعال وساعدني في إعداد سفرة الطعام

والدك قارب على الحظور

وما أتمت أمي كلامها واذا بالباب يطرق تلك الطرقات الخفيفة التي تعودنا سماعها

….

هرعت لأفتحه وأنال منه أول قبلة

ما ان انفتح الباب إلا وأبي يسبقني بحملي من على الأرض ويضمني بشدة ويغمرني بالكثير من الأحضان

ويسالني عن حالي

كيف كان يومك يا جبريل؟

وهو يحاول إظهار الفرح برؤيتي رغم ما ألم به من تعب

رغم سعادتي بقدوم والدي الأ إني أرى آثار السنين وقسوتها عليه

وكيف تحمل كل هذه المشقة

يسترسل جبريل في قوله :

كم تمنيت لو اكبر بسرعة وان أعمل لأكون يد والدي اليمنى

قاطعتني أمي من المطبخ قائلة: جبريل ؟هلم لتجهيز الاكل معي

عندها ذهب ابي إلى حنفية كان وسط الفِناء تصب ماءً ساخنا حتى في فصل الشتاء

ما اكمل والدي غسل يديه ووجهة وجزء من رأسه…الا وأمي تقف عند راسة بفوطة زرقاء يتخللها بعض التطاريز التي تتفنن أمي بصناعتها بأحتراف …

وهي مبتسمة إبتسامة حب وود وأبي يناظرها بنظرات تحمل من الحب الكثير

تناول والدي المشفة ووضعها على أنفه يشمها ويبتسم إبتسامة الرضا

ويقول لأمي:

دائما تسعديني بتفاصيلك الجميلة ..

عرفت بعدها ان أمي تضع العطر والبخور في المنشفة قبل استخدامها لتصبح ذات رائحة زكية

بعدما أنتهى والدي من المشفة

اخذتها قائلة

(من لي غيرك حتى اهتم به وبما يحب من تفاصيل

انت لي كل ما املك)

تلألا وجهه فرحا بردها

وسمعت صوت ضحكاته وهو يطمأنها

جزاك الله خيرا من رفيقة درب العناء

حضرت امي سفرة بسيطة مكونة من الخبز و اللبن والخضار المطهوة بحب

أشعلت والدتي الصوبيا للتدفئة

ووضعت عليها إبريق أعشاب البابونج واليانسون ؛

بدءنا الأكل …وانهيناه بالحمد لله واهب النعم على عظيم العطايا ؛

كنت ادقق النظر في وجه والدي ويديه المسمرتين

والحظ تجاعيد جبينه وخديه

تزيد يوما فيوما

والتعب الواضح على جميع أجزاء جسده

سألت امي

لماذا لا يترك أبي هذا العمل القاسي ؟

اجابتني بنبرة من الحزن العميق

لا يستطيع !

لماذا يا امي؟

نظرت الي ومسحت بيديها على رأسي وقالت :

لأنك لا زلت صغيراً وتحتاج إلى من يرعاك ويصرف عليك حتى تكبر

وايضا لا تنسى اخويك فهم بحاجة للمساندة حتى يكملوا دراستهم

ومن ثم تتحول المسؤلية إليكم لتقوموا برعايتنا كما رعيناكم

هكذا هي الحياة اخذ وعطاء !

فكرت كثيرا بما سمعته من والدتي

وكيف اننا لا شي بدون والدينا

حتى غلبني النعاس واخذني النووووم

 

بقلم البرنسيسة :

أميرة العسيف أم الأمر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى