صباح الخير :
أدعوك لمشاركتي فنجان من القهوة
،لنتمكن من تبادل الأفكار و التجارب مع بعض لنتعرف أكثر على الحكمة و المعرفة و الإبداع …
آلحياة مليئة بالقيم الإنسانية النبيلة
التي تجعل الشخص يشعر بالسعادة و التفاؤل ، لكن لا نستطيع أن نصل إلى الكمال .
رغبة الإنسان و سعيه الدائم نحو الكمال و الخلو من الأخطاء، و العيوب تسبب له مشاكل و اضطرابات نفسية، و تدني تقدير الذات …
صحيح عليك أن تكون الأفضل و الأحسن في مختلف جوانب الحياة، لكن ذلك لا يعني أنك أكثر إنتاجية من غيرك …
الأشخاص الذين يسعون إلى الكمال يواجهون صعوبة في الوصول إلى نتائج مرضية، مما ينعكس سلبا على أدائهم و رضاهم عن أنفسهم.
الشخص الذي يسعى إلى الكمال ،ينتقد نفسه أكثر بكثير من الأشخاص الطبيعيين، و يصدر أحكاما قاسية على نفسه، لأنه لا يضع دوما أهدافا منطقية قابلة للتحقيق، مما يجعل رحلته تعيسة
و مليئة بالعقبات و الفشل .
كلنا نسعى لتحقيق النجاح و الانتاج الجيد ، لكن الشخص الذي يسعى إلى الكمال يخاف من الفشل لدرجة أنه لا يستمتع بالرحلة نحو الصعود إلى القمة .
عندما نقع فى مواقف صعبة نجد أنفسنا أننا نستطيع الوقوف مجددا حتى بعد الفشل و خيبة الأمل ،إلا أن أصحاب الشخصيات التي تسعى إلى الكمال، عند الفشل يغرقون في بحر من الأحزان و المشاعر السلبية و جلد الذات .
نحن نحاول أن لا نؤجل العمل ،أما الشخص الذي يسعى إلى الكمال، قد يلجأ إلى التكاسل عن العمل ،بحجة الاستعداد لذلك لخوفه من الفشل.
الشخص الذي يسعى للوصول الى الكمال يميل لإتخاذ موقف دفاعي على الدوام ،و النقد الذي يوجه إليه قد يبدو في نظره هجوما لتدميره، بينما نحن لو وجه لنا النقد نراه معلومة قيمة تساعدنا على تحقيق أداء أفضل مستقبلا .
كيف تعالج هوسك بالكمال ؟
– اعترف بوجود المشكلة :
الاعتراف بالمشكلة هو نصف الحل لذا إن كنت راغبًا في التخلص من مشكلة الهوس بالكمال، عليك بداية أن تعترف بوجود هذه المشكلة.
كن ذكيًا في اعترافك بهذه المشكلة. لا تقل لنفسك: أنا مهووس بالكمال
انظر لهذه المشكلة على أنها تصرف غير مرغب تود لو تغيّره .
– اسأل نفسك:
ما الذي يغذيه هذا الهوس بالكمال؟
حينما تفهم السبب الحقيقي الذي يجعلك مهووسا إلى هذا الحد بأن يكون كل شيئ مثاليا ، حينها فقط ستستطيع مواجهة هذه المشكلة ومعالجتها.
هل يعود السبب إلى شعورك بالخوف من شيء معيّن؟
الرغبة في المجد والتباهي؟
أو ربّما شعورك بانعدام الاستقرار وقلّة ثقتك بنفسك.
يعتبر تحديد القناعات المسبقة التي تغذي هوسك بالكمال، خطوة مهمة لمواجهتها، ويساعدك على معرفة القناعات التي يتعيّن عليك الإبقاء عليها وتلك التي تحتاج إلى تغييرها والتخلي عنها.
– واجه الاحتمال الأسوأ
تخيّل أسوأ ما يمكن أن يحصل لك في موقف أو مجال معين ، وفكر في ضآلة احتمالية أن يتحقق ، حينما تفكّر في ذلك، ستكتشف على الأغلب أنّك قادر على القيام بشيء ما لإنقاذ الموقف حينها على أيّة حال ، وإن كنت ممّن يضخمون الأمور ويرون احتمالية حدوث كارثة في كل شيء، فقد يكون من المفيد أن تدون جميع الاحتمالات السيئة التي قد تحدث، مقابل السيناريو الأكثر احتمالاً، وتعرضها بعد ذلك على شخص آخر أكثر خبرة ، و إخراج هذه الأفكار من رأسك، سيسهم كثيرًا في التخفيف من أثرها السلبي عليك.
– حدد معايير العمل قبل البدء به
قبل أن تبدأ العمل على أيّ مشروع أو مهمة أو هدف معيّن، وقبل أن تغرق في دوامة السعي إلى الكمال، اسأل نفسك بداية ما هي المعايير التي ستعتمد عليها في ذلك.
مثال :
لنفترض أنّ مديرك قد طلب منك إعداد عرض تقديمي معيّن، وقضيتَ أنت وقتًا طويلاً في تجهيزه والعمل عليه . ثمّ تكتشف فيما بعد أنّ مديرك كان بحاجة لعرض تقديمي سريع ومختصر ليستعمله كخلفية ، ولم يهتمّ كثيرًا بمحتواه، بل لم يستعرضه حتى! في هذه الحالة ستكون قد أضعت من وقتك وجهدك الكثير في تجهيز هذا العرض في الوقت الذي كان يمكنك فيه القيام بأشياء أخرى أكثر نفعًا.
– انتبه لما تقوله لنفسك
في حال كنت تحدّث نفسك غالبًا مستخدمًا جملاً مثل:
“إن كنتُ سأقوم بهذا الأمر فسوف أقوم به بشكل صحيح وإمّا فلا.”
“هيا لا تكن كسولا!”
“كلّ شيء يعتمد على هذا الأمر”
في هذه الحالة سيكون من الصعب على الأرجح ألاّ تسعى نحو الكمال ، لذا ابدأ بمراقبة كلامك لنفسك، و في حال اكتشفت أنّه يقودك لمزيد من الهوس بالكمال، فابدأ على الفور باستبداله بعبارات وجمل أخرى.
– ضع لنفسك مواعيد نهائية للتسليم :
حينما تضعُ موعدًا نهائيًا لتسليم عمل أو مشروع محدّد، فلن يُتاح لك الكثير من الوقت للعودة إليه والاستمرار في التعديل والتغيير سعيًا إلى الكمال. بعكس ما سيكون عليه الحال لو أنّك تعمل دون وجود موعد نهائي للتسليم، ممّا قد يؤدي إلى استمرار العمل لفترات طويلة جدًا.
في كلّ مرّة تقوم فيها بمهمّة ما، حدّد لنفسك 30 دقيقة فقط (أو فترة زمنية مناسبة) لإتمام هذه المهمة، والتزم بهذا الإطار الزمني التزامًا تامّا.
بهذه الطريقة لن تمنح المهمّة التي بين يديك وقتًا أكثر ممّا تستحقّه فعلاً، وسيكون عليك تركها والانتقال لما بعدها سواءً كان أداؤك ممتازاً أم لا.
في النهاية الوصول إلى الكمال واحدة من أهم التحديات التي تواجه العديد من الأشخاص و التي تجلب لصاحبها الإرهاق و التعاسة و العقد و المشكلات و تعيقه عن تحقيق ما يريد فالوصول إلى حالة الكمال أمراً مستحيلاً في الحياة..
ندى فنري
أديبة / صحفية