مقالات مجد الوطن

و صوركم فأحسن صوركم 

 

لقد خلق الله الكون بما فيه من مواد

و خصائص ، و خلق الإنسان في أعدل قامة ، و أحسن صورة قال سبحانه :

« لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم »،

وقال تعالى : « وصوركم فأحسن صوركم »

و الإنسان هو الكائن الأكثر إعجازاً من بين سائر الكائنات، فقد خلقه سبحانه في أحسن خلقة، وأحكمها، وأدقها ،

و حباه بكل ما يحتاج إليه و سخر الله سبحانه وتعالى الطبيعة، وخيراتها لكل الناس على أن يستثمروها في متطلبات الحياة، وجعلها للجميع دون استثناء ، لأنه تعالى :

هو الخالق، والمالك، والرازق، وكل الخلائق عباده، وعياله، حتى الجاحد، والمعاند .

 

و كل واحد من الناس يحتاج إلى الناس إلا أن يعيش في السماء مع الملائكة بلا غذاء، وكساء، أو في الغاب مع الوحوش….

 

إن العلاقات المتبادلة بين أفراد الجماعة تفرضها طبيعة الحياة الإجتماعية، كل من يخوض غمار الحياة يحتاج إلى غيره، وغيره يحتاج إليه تماماً كحاجة كل من البائع، والمشتري إلى الآخر، وهذا اللون من التبادل يسمى تعاوناً .

 

متى نؤدي شكره ؟

 

إذا نظرت -يا عبد الله- في صنعة الإنسان تجد أن أعضاء بني البشر كلها متشابهة، فقد حباه الله سبحانه وتعالى بكل ما يحتاج إليه، حتى يكون خليفته على هذه الأرض و وجوه الإعجاز في الإنسان تتمثل في خلقه ،و أعضائه ، و عواطفه ، و غرائزه ، و سلوكه ، و قدرته على التفكير،وكل بني آدم يملك يدين، وكلهم يملك رجلين، وعينين ولسانًا واحدا , ورأسا واحدا ، ومع ذلك لن تجد في السبعة آلاف مليون إنسانًا يشبه الآخر من كل ناحية، لا بشكله، ولا بطوله، ولا بلونه، ولا بملامح وجهه، ولا بطريقة مشيه، ولا بطريقة كلامه، ولا بنبرة صوته، حتى قال بعض العلماء:

” والله يا رب، لو تشابهت ورقتا زيتون لما سميت الواسع ” سبحانه المصور .

 

هذا الاختلاف في الألوان والألسنة والأشياء المتعددة، يدل على أنها ليست من إنتاج مصنع يصنع قالبا ، ثم يشكل عليه ويصبغ ألوانا شتى، لا…فكل إنسان يولد يصور على حدة في بطنه أمه ،لا بشبه الآخر من كل وجه ، إن أي صانع الآن إذا أردت منه أن يصنع لك كوبًا يصنع قالبًا ويكرره، لكن في الخلق البشري كل واحد بقالبه الخاص، وكل واحد بشكله المخصوص، وكل واحد بصوته الذي ثبت أن له بصمة كبصمة اليد، وكل واحد بلون؛ وهذا دليل على طلاقة القدرة, والإبداع في التصوير، قال تعالى:

(بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [البقرة ]

 

هناك جانب في الإنسان لا بد من الإشارة إليه، ألا وهو الجانب النفسي ، والطريقة التي تتفاعل بها النفس الإنسانية، مع كل من الجسد، والروح،حيث يمكن لهذا التفاعل إن أحسن الإنسان إدراته، وتوظيفه أن يحقق به إنسانيته، أما إن أساء ذلك فسينقاد وراء نفسه، وشهواتها، وأطماعها، دون أن يضع الضوابط، سيهلك لا محالة،كل هذه الجوانب العظيمة في الإنسان تستحق أن يُفرد لها من وقته ولو جزءاً يسيرا حتى يدرسها، ويتعرف عليها قدر استطاعته، وحتى يعلم الإنسان فضل الخالق -سبحانه وتعالى- عليه، وأنه لو عبده آناء الليل ، وأطراف النهار، لما وفاه ولو أقل القليل من حقه.

 

ما من شيء على الإطلاق إلا ولله فيه تقدير وتدبير ( ثم أمرنا ليختبر طاعتنا، ونهانا ليبتلي شكرنا ) أمرنا سبحانه بما يعود علينا بالخير، والصلاح، ونهانا عن كل شر وفساد،

 

علينا أن نحمده و نشكره، لقد وضع عنا ما لا طاقة لنا به، ولم يكفلنا إلا وسعاً، ولم يجشمنا إلا يسراً، ولم يدع لأحد منا حجة، ولا عذراً، فالهالك منا من هلك عليه،والسعيد منا من رغب إليه والحمد لله الذي دلنا على التوبة النصوح من كل ذنب …

 

ندى فنري

أديبة / صحفية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى