محمد الرياني
كانتْ كذلك ! كانت بشاير بالفعل ، كانت هناك في ميدانِ الصحة ،لها قلبٌ ينبضُ بالعطاء ، يكتبُ بلغةٍ مختلفةٍ عباراتِ الترحيبِ على الرغمِ من وطأةِ فيروس كورونا وسمعتِه التي أوقدتْ جذوةَ الرعب ، بشاير التي كانت تنتقلُ من صفٍّ إلى صفٍّ ومن مكانٍ إلى مكانٍ ومن فردٍ إلى آخرَ كانت هي العنوانَ الجميلَ وسطَ مشاعرِ الترقُّبِ والأحاسيسِ الممتزجةِ زمنَ الفيروسِ المرعب ، كانت أشبهَ بطائرٍ أبيضَ هبطَ من علوٍّ ليعلنَ السلامَ على المكانِ الذي استنفرَ كلَّ طاقاتِه من أجلِ مواجهةِ الطاعونِ الأسود ، ما أروعَ تلك التفاصيل على الرغمِ من حمَّى التفاصيل ، اختارتِ المسارَ الرائع لها كي تحضرَ الطمأنينةُ للنفوسِ التي تطمحُ لمزيدٍ من حياةٍ هانئة ، انتهتِ الحكاية ، ولَّى الطاعونُ وانتصرَ السلامُ ولم تنتهِ قصَّةُ بشاير ، اختفتْ أخبارُها وانقطعتْ ولاتزال بشاراتُها حديثَ مَن عرفوها ، في مركزِ سلطان الحضاري زرعتْ ورودًا من حياة ، وزهورًا من ابتسامات ، وكتبتْ ذكرياتٍ خالدةً من عملٍ خالد ، لم نكن نعلمْ نحن ولا هي أن عددَ حلقاتِ عملِها الإنساني لن تطول ، جاءَ الخبرُ عند إعلانِ مرضِها صادمًا ، اشتعلَ في شرايينها الزكيةِ مرضٌ غيرَ الذي واجهتْه ليكتبَ نهايةَ البشارة ، رحلتْ ممرضةُ جازان في قمةِ نشاطِها وعمرِها الغض ،جاءَ الخبرُ حزينًا ليكتبَ بخطٍّ قاتمٍ نهايةَ الرحلةِ البيضاءِ للعملِ الناصعِ لبشاير ، غادرتْ ( بشاير )وأمامَ أعينِنا ملحمةٌ رائعةٌ من العطاءِ الإنسانيِّ سيكونُ هو الحياةَ التي خلَّفتْها وراءَها وهي بين يديْ ربٍّ رحيم .
بشاير : هي بشاير غُبين ممرضةٌ من جازان