محمد الرياني
قبلَ أن تغربَ شمسُ الجمعةِ تجمَّعَ مُحبو الشاعر : علي رديش دغريري في وداعٍ مؤثرٍ وموكبٍ مهيب ، عجزتِ الألسنُ عن النطقِ في حضرةِ الموتِ الذي غيَّبَ شاعرَ الحياةِ والجمال ، ليكتبَ المشيّعون بصمتٍ مطبقٍ العنوانَ الحزينَ لرحيلِ أحدِ فرسانِ الكلمةِ والقافيةِ الكبار .
غربتْ شمسُ الجمعةِ في الوقتِ الذي غربَ جسدُ ابنُ الدغاريرِ وسطَ الترابِ ليأتي ليلٌ يرتدي مع غيابِ شمسه ثوبًا مطرزًا باللوعةِ وألمِ الفراق .
وعلي رديش ليسَ فارسًا من فُرسانِ الشعرِ الكبارِ ترَجَّلَ عن المسابقةِ في مضمارِ الأدبِ فحسب ؛ بل هو فارسٌ من فرسانِ الأخلاقِ والرُقيِّ واللُّطفِ والجمالِ الإنساني ،يأسرُكَ وهو يجلسُ معك بعذبِ كلامِه وروعةِ منطقِه وحكمتِه في الحياة ،عاشَ في الحياةِ زاهدًا وَرِعًا فيها ، لايتكلمُ كثيرًا وإذا تحدثَ تضوَّعَ شذى وبيانًا وعبيرًا وبسماتٍ بريئة .
انطفأ الليلةَ في جازانَ قنديلٌ عملاقٌ من قناديلِ الشعر ،كتبَ للوطنِ حتى قلنا إنه المحبُّ الأكبرُ لوطنِ الحب ، وكتبَ عن ألمِ الفراقِ فشاركناه الألمَ واللوعةَ حتى فارَقَنا ، وكتبَ عن جمالِ الحياة وروعتِها حتى غدتْ أمامَنا الحياةُ بساطًا أخضرَ لاتملُّ العينُ من النظرِ فيه .
كان عضوًا حكيمًا في نادي جازان الأدبي ، اتفقَ الجميعُ على محبتِه لصدقِه ورزانتِه وسمْتِه، وغادرَ النادي مُحَمَّلًا بالدعواتِ له بالشفاءِ والعافيةِ حيًّا ، واحتشدَ محبوه بعد موتِه وهُمْ يلهجون بالدعاءِ لفقيدِ الأُخُوَّةِ الصادقةِ والكلمةِ البيضاءِ الرقراقة .
نسأل اللهَ أن يرحمَ شاعرَ الوطنِ وجازان وابنَ الدغارير ( علي رديش دغريري) رحمةً واسعةً وأن يلهمَ أهلَه وذويه ومحبيه الصبرَ والسلوان .