✍️ إبراهيم بن محمد عواجي
الفساد الإداري آفة متفشية في جميع أقطار العالم، حتى أنه أصبح لا يمضي يوماً من الأيام إلا نسمع أو نقرأ أو نبلغ بإحدى وسائل الإعلام عن هذا الشبح المرعب الذي يهدد التطور والنمو والازدهار للأوطان.
قال سبحانه وتعالى: (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ).
وقال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ).
وقال تعالى: (أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ ولكن لَا يَشْعُرُونَ)
وفي الحديث الشريف أخرج البخاريُّ ومسلمٌ وغيرهما عَنْ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالت: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وآله وسَلمَ: (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمِ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمِ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَد، وَأيْمُ اللهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا).
هناك توجهات متنوعة في تعريف الفساد فهناك من يعرفه بأنه خروج عن القانون والنظام “عدم الالتزام بهما” أو استغلال غيابهما من أجل تحقيق مصالح سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية للفرد أو لجماعة معينة فهو سلوك يخالف الواجبات الرسمية للمنصب العام تطلعاً إلى تحقيق مكاسب خاصة مادية أو معنوية.
وهناك اتفاق دولي على تعريف الفساد كما حددته” منظمة الشفافية الدولية” بأنه كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة لنفسه أو جماعته وبشكل عام وبالنتيجة فإن الفساد يؤدي إلى إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
وليس هنالك تعريف محدد للفساد بالمعنى الذي يستخدم فيه هذا المصطلح اليوم لكن هنالك اتجاهات مختلفة تتفق في كون الفساد هو إساءة استعمال السلطة العامة أو الوظيفة العامة للكسب الخاص.
أن الآثار المدمرة والنتائج السلبية لتفشي هذه الظاهرة تطال كل معوقات الحياة لعموم أبناء الشعب، فتهدر الأموال والثروات والوقت والطاقات وتعرقل أداء المسؤوليات وانجاز الوظائف والخدمات وبالتالي تسبب مزيداً من التأخير في عملية البناء والتقدم ليس على المستوى الاقتصادي والمالي فقط، بل في الحقل الاجتماعي والثقافي أيضاً، ناهيك عن مؤسسات ودوائر الخدمات العامة المباشرة واليومية مع حياة الناس.
الفساد الإداري ويتعلق بمظاهر الفساد والانحرافات الإدارية والوظيفية أو التنظيمية أو تلك المخالفات التي تصدر عن الموظف العام أثناء تأديته لمهام وظيفته في منظومة التشريعات والقوانين التي تغتنم الفرصة للاستفادة من الثغرات بدل الضغط على صناع القرار والمشرعين لمراجعتها وتحديثها باستمرار، وهنا تتمثل مظاهر الفساد الإداري في: عدم احترام أوقات ومواعيد العمل في الحضور والانصراف أو تمضية الوقت في قراءة الصحف واستقبال الزوار والامتناع عن اداء العمل أو التراخي والتكاسل وعدم تحمل المسؤولية وإفشاء أسرار متعددة ومتداخلة وغالبا ما يكون انتشار أحدها سببا مساعداً على انتشار بعض المظاهر الأخرى.
ومن أنواع الفساد الإداري عدم احترام أوقات العمل، إفشاء أسراره، عدم تحمل المسؤولية السلبية، عدم الالتزام بالتعليمات، التراخي، الامتناع عن العمل، الوساطة، سوء استعمال السلطة، المحسوبية، عدم المحافظة على كرامة الوظيفة.
وما تشهده بلادنا في الوقت الحاضر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود
– حفظهما الله – من جهود كبيرة وجلية في محاربة الفساد والمفسدين بجميع الأشكال والصور، وتبني استراتيجية واضحة لاستئصال آفة الفساد حتى تستمر عجلة التطور والتنمية في جميع المجالات، كما تحقق الجهود المباركة من لدن قيادتنا – حفظها الله – في مكافحة الفساد والعدل والمساواة ورغد العيش لجميع شرائح المجتمع، مما جعل بلادنا تنعم بالأمن والاستقرار والتطور والازدهار.
يحتفل العالم في هذا اليوم الموافق التاسع من ديسمبر من عام 2024م باليوم الدولي لمكافحة الفساد، لنستحضر جهود دولتنا – أيدها الله – بكل فخر واعتزاز في مكافحة الفساد وينعم مواطني هذا الوطن والمقيمين على أرضه المباركة بتنمية شاملة عادلة في جميع المجالات، ودعوة لتضافر الجهود في منع ومكافحة الفساد.
حفظ الله بلادنا وقادتها، كما نسأله جل في علاه أن يوفق ولاة أمرنا وأن يكلل جهودهم المباركة في مكافحة واستئصال الفساد لتنعم بلادنا بالخير والسلام والتطور والنماء.