مقالات مجد الوطن

غطاء

 

محمد الرياني

.. … وهي تحملُ الحطب على رأسها لم يكن المطر قد هطل بعد، هالني منظر غطاء رأسها الأسود الممزق من كل ناحية، أسأل نفسي عندما أراها عن عدد المرات التي تحمل فيها الحطب حتى غدا هذا الغطاء كالغربال، صحتُ فيها بقوة ظنًّا مني أنها لاتسمعني أن المطر قادم وأن الحطب سيغرق، أشارت إلى شجرة قريبة يمكنها أن تختبئ تحتها حتى لاتبتل بالماء ، انهمر المطر بعد سؤالي وأنا أذكر لها تحذيري، أرادت أن تلقي الحطب على الأرض حتى يتوقف الماء المنهمر، حاولتُ مساعدتها فامتنعت بإباء وألقته وهي تردد لازلتُ بخير، امتلأت الساحة حولنا ونحن نرى البروق تتساقط حولنا و بعيدًا عنا في منظر رهيب، كاد الماء أن يبتلع عيدان المرأة من جريانه، عاونتها على توزيعه في مرتفع أسفل الشجرة، نظرتُ إلى السماء وقد تفرق السحاب بعدما ألقى كل حمولته على الأرض، تحوّل لونها إلى اللون الأبيض من الصفاء، قلتُ لها : السماء أفرغت ماءها، هل أساعدك بالحطب، لا أعرف كيف رضيتْ بسهولة، نظرتُ إلى غطائها الأسود وهي ترمقني بنظرة المضطر، اقترحتُ عليها بأن نقسم الغطاء قسمين كي نحزم حزمتي الحطب، تحسست رأسها، نظرتُ إلى بيتها القريب ففهمت مغزى كلامي، غطت رأسها بالعيدان التي ابتلت أطراف بعضها بالماء البارد واتجهت وأنا بجوارها أحمل حزمة أخرى، وصلنا بسرعة، كانت الأزقة تشرب حدَّ الشبع، وضعنا الحزمتين في سقيفة قديمة، رفعت يدها إلى السماء وهي تدعو لي، وأنا أغادرها طلبت مني أن أعوضها غطاء آخر، فرحتُ كثيرًا بطلبها، كان في نفسي رجاء أن يتكرر الغرق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى