مقالات مجد الوطن

تائب عن القمار

 

 

حدثني عن شعورك أنا جداً مستاء
حدثني عنك وأنت تقاومُ على كسبِ الرّهان في آخر لحظة ثم تتبعثرُ أوراق اللعب منك مرةً واحدة!
حدثني عنك وأنتَ تجمع المال لتفوز باللعبة ثمّ يظنّك الكثيرون بأنك الفائز وفجأة تحدث فوضى عارمة في المكان فتخسرُ أنت القمار؟!
حدثني أيّها التائبُ عن القمار وعن مدى خذلانه فهناك رجالٌ تلعبُ القمار داخل قلوبنا ونحن مغفلّون لا نعلم أو أحببنا بصدق!
هناك من يتاجرُ بمشاعرنا حتّى آخر فرصة للتعلّق ثمّ يقذفُ بنا بـصدمة كذب لا غفران لها!
هناك من عودّنا على وجوده حتى ثارت منه شراراتُ اختلال وبدأ دخان الكذب يفوح أرجاء صدري!
لم يكنْ قلبنا يوماً موضعاً لـ اللعب ولم يشترك بهِ أيّ متنافسون لكنّك كنت اللاعب الوحيد والمنافس الوحيد الداخل قلبي وكل المنافسون لك بالخارج لم يتعدّوا بوابة صدري!
كنتُ أنا من أراهن عنكَ بالفوز في كلّ مرة، كنتُ لسانكَ الذي لا يوقفه أحد، كنتُ عقلك المدبر والذكي،كنتُ يداك التي لا يهزمها أحد وكنتُ أقول لهم في كلّ مرة أنك غير جميع الرّجال عفواً غير جميع اللاعبين!
بدأتُ أشكُ أنّ جميع الرجال لهم كذباتهم المخفية، بدأت أشكّ أن جميع الرجال خلقوا من طين كاذب لا طين آدم وحواء!
فالآن ستنقسم النّساء على نصفين نصفٌ منهم أحبّ ثم تدمر ثمّ مجبوراً أكمل في قصته لأنّه لا مقدرة له على الفراق ونصف آخر أحبّ ثمّ تألم فنوى الرحيل ونسى طريق العودة بتاتاً رغم الألم!
أنا من النوعِ التي سترحل للأبد!
رغم الألم سترحل وإن كانت في طريقها ستذكر كل شارع وكل محطة وكل مقهى وكل ملهى وكل مكان غدونا فيه سوية سأرحل!
أنا لا أستطيع مقاومة الكذب ولا أقبلُ التعايش معه، أنا لا استطاعة لي أن أبادل مشاعري رجل كاذب، أنا تجفّ لدّي المشاعر حينما تتبدل الأوراق وتظهر المشاعر الحقيقة!
لكنّي لن أخبر أحد برحيلي، ليس شفقة بك وليس اهتمام بك وليس محبة لك!
شفقة بي لكي لا يشمت الحاقدون بي و من ثمّ تتراود ضحكاتهم عليّ بأنّي خسرتُ الرّهان!
سأخرج من هنا وكأني الفائزة ثمّ اختفي للأبد ولن أعود إلى أماكننا لكي لا أصادف أحد المارك فيسألونني عنك فتتبدّل ملامح وجهي ها أنا أضحك ولدّي شفتان ترتجف، ها أنا أفتح عيناي أقاوم و بها محيطٌ من الدمع، ها أنا يداي تتلاصق في بعضها ثم أتكئ بها على جبيني وتذرفُ أدمعي ويفتضح أمري!
سأرحل حيث لا أحد يسألني عنك
ليتكَ لم تظهر في طريقي ولم أعرف من أنت
ليتك كنت مجرد عابر فيبقى احترامك داخلي بعد أعوام إن التقيتُ بك وحينها أكن لا أعرفك وحينها أكون أحد المعجبين بـلعبك وأشجعك!
لكنّي كنتُ الطاولة التي تم استخدامها للعب!
فلا ذاك يأبهُ لأمرها ولا هذا يلتفتُ لها وهذا إن غضب ضربها بيده بقوّة، وحدي أنا من كنتُ أتحملُ أعباء الردود للدفاع عنك لم تكن في عيني مثلهم والآن أنت سيدّهم في الكذب!
بالرغم من ألمي منك إلا أنّي أرفعُ لك قبعتي يا سيدّي فأنت ممثلٌ محترف، تجيد التمثيل، تجيد البكاء، تجيد الضحك، تجيد إخفاء الأمور وإظهارها بشكل معكوس كلياً!
سيدي أنت تجيد الكذبَ بشكلٍ لم يخطرُ على ذهن إبليس!
لطالما انتظرتُ قلمي أن يتحرّك لأجلكَ بالحبّ ولكن هذا هو المكتوب يا قارئي لقد هجوته في أوّل وآخر كتابة لي من أجله!
و لسوف أتألم من أجلك لأنّ الطريق انتهى ولم أكنّ أودّ ذلك ولم يكن الخيارُ بمرتضاي!
أنت من جنيتَ على نفسك وأنا من جنوتُ على نفسي بالرّهان على رجل كاذب!
يونيو الحزين .. أخبر نساء الأرض أن يكونوا هم اللاعبين وليس المتلاعبُ بهم!
أخبر نساءَ الأرض عن مكر الأشهر وأنها في كلّ عام تمرّ بشكل مختلف عمّا كانت من قبل!
أخبر نساء الأرض أن يحببن ثمّ يعشقن ثمّ يضحين فيبعن أنفسهنّ ومالهنّ ودمائهنّ ثم ماذا؟
ثمّ يحضرن أقلامهنّ ويجلسن هنا يا يونيو الحزين ولتحكي كلٌ منهم قصة خذلانها!
ألن تكتمل القصة؟
من يا يونيو اكتملت قصّته؟ فلو اكتملت قصة لكان أهلُ الجاهلية أولى بأن لا تتبعثر أوراقهم على مر العصور، لقد ضاعتِ الأوراق ولم يتبقى سوى حبرٌ لم ولم يجفّ!
يونيو أخبر نساء الأرض بأنّ من يراهنُ على كاذب سيخسر دائما
يونيو أخبر رجال المجرة بأنّ المقامرة في المشاعر أشدّ مقامرةً من الورق وستكنُ الخسارة عائدةٌ لـ اللّاعب لذلك ستكون العاقبة أقوى حينما تنكسرُ طاولة اللعب من غضب اللاعب وبذلك سيلحقُ هذا الكسر يداه وتتطاير أشلاءُ الطاولة فتصيب عيناه وقلبه وكل أفئدته!
يونيو أخبر رجال الأرض أن يتوبوا عن القمار!

مودة المحمدي – مكة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى