شعر وخواطر

لَبَّى قلبي

الكاتبة / سحر الشيمي، مجد الوطن
‏sahar_shimi@

لبّيه كلمة متداولة بين العرب منذ القدم، ونسمعها كثيرًا بين أهل نجد في مملكتنا، وفي دول الخليج ،اجابة لمن ينادي شخصًا معين، يُراد بها إفهام المتكلم وإشعاره أن طلباته مجابة وتلبية لرغباته

وغالبًا تُقال عندما يكون الذي نعنيه بها له منزلة في أعماقنا، إمعانًا في السمع والطاعة لندائه والإنصات له. ولذلك تُقال للأب، الأم، ذو السلطة، ولي أمر، الوطن أو إنسان عزيز .
وتستعمل للتودد بعطف القلب والروح، لبى قلبك، لبى روحك ويسرع المُلبِّي عادة لدعوة من دعاه لوليمة، رحلة أو لبيته لأنه يحبه، فكيف إذا دعانا ملك الملوك إلى بيته، وإلى رحلة السعادة بل رحلة العمر كله، وجه الينا دعوته من قبل أربعة عشر قرنًا عندما لبى المصطفى صلوات الله عليه النداء وحقق دعوة ابراهيم عليه السلام، لقوله تعالى؛ (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)

أفئدة من الناس، يشير إلى هجرة وحج القلوب إلى البيت الحرام قبل الأجساد، فهنيئًا لمن بقى يتنفس الحياة لبلوغ هذا الموسم العظيم، فكم من مُنِع عن الحج لمرض، موت، ظرف مادي أو غيره، اليوم نرى فايروس وقف قاطعًا لطريق الحج، ولكن هل للقلوب ان تحج دون أجساد..؟؟ نعم، القلوب تحج ويباهي بأرواحها الحاضرة الملائكة وتكسب وعدًا صادقًا بالغفران في اليوم المشهود، رحلة عظيمة يبدأ الاستعداد لها من الليالي العشر الذي أقسم بها الله في كتابه ووعد فيها بمضاعفة الهدايا والعطايا والأجر، كما قال عليه السلام؛ (ما من أيام أعظم يرد الله، ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذي الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير)

عندما يلهج القلب واللسان مترجمًا له بقول لبيك اللهم لبيك فالكون كله يلبي معه، لقوله عليه السلام؛ (ما من مسلم يلبي إلا لبى ما عن يمينه وعن شماله من حجر أو شجر أو صدر حتى تنقطع الأرض من ها هنا وها هنا)، يعني عن يمينه وشماله. فياله من مشعرٍ واستشعار تقشعر له الأبدان وتخشع له القلوب وترقى به النفوس بروحانية وراحة لا تتصورها العقول.

فلنسرع فرحين بتلبية دعوة رب العالمين، بالسباق إلى الأعمال الصالحة من صيام، صدقة، إغاثة ملهوف، تلبية محتاج واكثار من التهليل والتكبير والتحميد، ونرحل بقلوبنا وان بقي الشوق إليه باقيًا والدمع حائرًا مرددًا قول الشاعر:

لمن رحلوا قلبي وأعلم أنه في رحلكمْ
كصُواع يوسـفَ في رحال الإخوةِ..
وانا أردد بعده لبى قلبي اللهم لك لبيك
وان رحل من رحل سيبقى قلبي راحل إليك .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى