مقالات مجد الوطن

ضَيْفٌ على رأسِ سمكة

 

محمد الرياني

قطٌّ صغيرٌ جائع، يُدخلُ رأسَه في قرطاسٍ بُنِيّ اللونِ فيه بقايا طعام ، يُحاولُ جاهدًا سَحْبَ رأسِ سمكةٍ كبيرةِ الحجم، ينجحُ في ذلك ، يُحدثُ صوتًا هستيريًّا بسببِ الجوعِ وصلابةِ الرأسِ الذي نُزعَ منه الجِلدُ واللحم، يراقبُ السمكةَ طفلٌ صغيرٌ في نظراتِه بعضُ البؤس، عليه قميصٌ مثلُ ملابسِ المشردين، ظلَّ يراقبُ القطَّ ولسانُ حالهِ يقول: ليتني كنتُ مكانَه، جاءَ إلى مرمى النفاياتِ مَن يكبُّ بقايا طعامٍ بلا سمك، استرعاه منظرُ الطفلِ الذي أحرقتْه حرارةُ الشمس، رمى فضلاتِ الطعامِ وجلسَ إلى جوارِ الطفلِ يسألُه وقد نظرَ إلى بطنِه الخاوي : ماذا تغديتم اليومَ؟ ضحكَ الصغيرُ وقال : سمك . تغديتم سمك!! أنا أحبُّ السمك ، هل زادَ شيءٌ بعدَكم ؟ بلعَ الصغيرُ ريقَه وقال لا. لم نُبقِ شيئًا، أخذَه الرجلُ واتجهَ به نحوَ حلقةِ السمكِ القريبة، قال له : اخترِ السمكَ الذي يعجبُك، ارتسمتْ في رأسِ الصغيرِ صورةُ القطِّ والرأسِ الخارجِ من القرطاس، من حسنِ حظِّه أنه من السمكِ الشائع، سألَه عن بيتِهم فتردَّدَ الصغيرُ ثم مشى به إلى بيتٍ متواضعٍ ، اقتربَ الصغيرُ فانتشرتْ رائحةُ السمك، قالَ للصغير : تغدوا ولاتنسوا القططَ الجائعة، برزتْ أسنانُ الصغيرِ ببراءة ، أرادَ المغادرةَ فمنعوه من ذلك حتى يَطعمَ معهم ، جمعوا حطبًا وأشعلوه فانتشرتْ رائحةُ الشواء، تغدَّوا وتناولَ الطعامَ معهم ، أقبلتِ قططُ الحَيِّ على الرائحة، احترقتْ مع الحطبِ أكياسُ النفاياتِ التي تُخبئُ الفضلات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى