مقالات مجد الوطن

 قصائد قتلت أصحابها

 

كثيرة هي القصائد التي تسببت في حتف قائلها ، وهنا أتناول أربعة من الشعراء الذين كانت أبياتهم سببا في هلاكهم. وكانوا ضحايا ألسنتهم ، كما قال الشاعر :
كم في المقابر من قتيل لسانه …. كانت تهاب لقاءه الشجعان

نبدأ بقصة شاعر العربية الأكبر الذي ملأ الدنيا وشغل الناس ،المتنبي الذي قتلته أبيات قالها في رجل من بني أسد يدعى ضبة، فقد هجاه بقصيدة فيها كثير من الفحش وبذيء القول ، أتناول منها بعض الابيات المحتشمة وأنزه مسامعكم عن باقيها
مطلعها :ما أَنصَفَ القَومُ ضَبَّه
ثم يقول :
وَإِنَّما قُلتُ ما قُلتُ رَحمَةً لا مَحَبَّه
وَما عَلَيكَ مِنَ القَتــلِ إِنَّما هِيَ ضَربَه
وَما عَلَيكَ مِنَ الغَدرِ إِنَّما هُوَ سُبَّه
وَإِن بَعُدنا قَليلاً حَمَلتَ رُمحاً وَحَربَه
وإِن أَوحَشَتكَ المَعالي فَإِنَّها دارُ غُربَه
أَو آنَسَتكَ المَخازي فَإِنَّها لَكَ نِسبَه
وَإِن عَرَفتَ مُرادي تَكَشَّفَت عَنكَ كُربَه
وَإِن جَهِلتَ مُرادي فَإِنَّهُ بِكَ أَشبَه
فترصد له بنو اسد بقيادة فاتك الأسدي خال ضبة في الطريق ليقتلوه. و يروى أنه حين رآهم هرب منهم فقال له غلامه : وأين قولك:
فالخيل والليل والبيداء تعرفني
والسيف والرمح والقرطاس والقلم
فقال المتنبي : قتلتني يا فتى، فعاد ادراجه ليحارب حتى قتل!!
ــــــــــــــ
أما دعبل الخزاعي فكان كلما اتى خليفة من بني العباس هجاه بقصيدة
وحين تولى المعتصم وكان يلقب ( المثمن ) ، لما للعدد ثمانية من دور كبير في حياته مثلا هو ثامن الخلفاء من بني العباس والثامن من ذرية العباس وثامن أولاد الرشيد وحكم لمدة ثماني سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام ، ، وخلف ثمانية ذكور وثماني إناث ،
هجاه دعبل بقوله:

ملوك بني العباس في الكتب سبعة
ولم تأتنا عن ثامن بهم الكتب
كذلك اهل الكهف في الكهف سبعة
كرام إذا عُدُّوا وثامنهم كلب
وإني لأعلي كلبهم عنك رفعة
لأنك ذو ذنب وليس له ذنبُ

فسمع بها المعتصم فتوعده ففر الى خراسان. وهناك تعرض لأحد وزرائه فارسل له من اغتاله استنصاراً للمعتصم!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما خرج ابن الأشعث على الحجّاج بن يوسف حشد معه أهل الكوفة وكان الشاعر أعشى همدان ممّن خرج معه، فقال في ابن الأشعث يمدحه:
و إذا سألت: المجد أين محلّه‌
فالمجد بين محمد و سعيد
بين الأشجّ و بين قيس باذخ
بخ بخ لوالده و للمولود
ما قصّرت بك أن تنال مدى العلا
أخلاق مكرمة و إرث جدود
فقال الحجاج حين سمعها: والله لا أدعه يبخبخ بعدها، فاستدعاه وقتله!!
ــــــــــــــــــــــــــــ
هناك الشاعر علي بن جبلة الذي مدح أحد أمراء المأمون بقصيدة جاء فيها :
كل من في الأرض من عرب بين باديه إلى حضره.
مستعير منك مكرمة يكتسيها يوم مفتخره.
وحين وصلت القصيدة الى المأمون – وهو الخليفة – تملكته الغيرة وقال له: ماذا تركت لنا ان استعرنا منه المكارم. ولكن المأمون خشي ان يقول الناس قتل الشاعر بدافع الغيرة ، فاستشار من حوله فاخبروه ان له مدائح تقدح في الشرع من ضمنها:
أنت الذي تنزل الأيام منزلها
وتنقل الدهر من حال الى حال
وما مددت مدى طرف إلى أحد
إلا قضيت بأرزاق وآجال
ولأن هذا لا يكون إلا لله وجدها المأمون حجة لقتله.. فقطع رأسه!!
ـــــــــــــــــــــــــــــ
طارق يسن الطاهر
Tyaa67@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى