مقالات مجد الوطن

تمتمة الجزء (٣٢) روايتي: شرارة وبناتها حرائق!!

 

لقد وصلت (أم قناعة) إلى تفكير مسدود، فلم يخطر على بالها أن يحدث حدث مثل هذا ولا يعرف مسبب له. سار الحديث النفسي مع أم قناعة على نحو سيء. ومع هذا توضأت ودلفت إلى غرفة ابنتها قناعة، اقتربت من سريرها، وعند حافته انكبت، ومدت يدها اليمنى وانزلتها بلطف على جبهة قناعة، وقالت: “بسم الله.. أعيذكِ بالله مما تخافين وتحاذرين”، ثم عانقتها وبليونة ايقظتها كي تقوم لإداء صلاة الجمعة، لكنها شعرت بثقلها
وخدرها كانت تموج كأنها تلقت خبطة على رأسها.
طفقت قناعة تهذي هذيان المحمومين: “خزان الماء.. كان هنا.. أين هي؟”
أجابت أمها باهتمام:
– بسم الله الحي القيوم.. حبيبتي أنا أمك ولا يوجد أحد بيننا.
وبصوت هزيل خائف:
– شفته..شفتها..
أحست قناعة بغصة في حلقها، وبحجر سقط في إعماقها، بكت وأمها تهدئها بالتكبير والتهليل والتسبيح إلى أن ارتخت عضلات رقبتها المشدودة، وقالت:
– رأيت شيئًا اسودًا منتفخًا كخزان الماء المصنوع من الفيبر، وامرأة غريبة كانا هنا.

بعد صلاة الجمعة، عاد (ابن المنصدم) إلى أمه ولم يلاحظ على أبيه أمر مريب فقال لها:
– عندما كنا في السجدة الأخيرة، بكى والدي بلا انقطاع، وقضى وقتًا بعد السلام يدعو لنا وللمسلمين وأنا أؤمن له، فيما بيننا يا أمي، ما تمتلكينه من أدلة ضده ضعيفة جدًا لدرجة إنها لا تصلح للنقاش أو فتح باب موضوع لها.
لم تستنكر هذا الفعل وقالت له:
– هذا ما كان يفعله قبل أن يوافق والدي عليه ويزوجني به.. إنه(المنصدم) الذي أعرفه.. أقص يدي من منبتها أن لم يكن ينوي على أمر مماثل، أخبرني أين هو الآن؟
– في مجلسه.
– سأذهب إليه وأنظر.. هل مازال مسترسل في إرسال دعواته للسماء أم إنه أتمها وشرع يفكر في موضوع أرضي بمفرده؟

في ذلك الأثناء، أخذت تلك المرأة المثيرة للاستغراب تتأمل في ملامح الرجل صاحب الصورة التي التقطتها من بيت أم قناعة واحتفظت بها في جوالها النقال، قالت نفسها: “نعم انه هو.. هو.. إنه هو.. شاب جشع يبيع ذمته من أجل المال”، لقد كان كالكهف من يعرفه يخشى التوغل فيه حتى لا تبتلعه رماله أو تطبق عليه أحجاره وصخوره، فكل من تغلغل فيه لم ينفعه استجداه، مهما استجداه لينقذ حياته فلن يجد إلا عجزه المطلق وصدى توسلاته.
ظل الاستجواب الذاتي يتكرر عليها حيث شغل حيز انتباهها “ما علاقته بهذه البلدة؟”، وهي على مدى سنوات تعرفه وتربطها به صلة عمل ولم يفصح بشيء عن هذه البلدة أمامها أو أمام أحد ممن له معرفة بهما.

أعدت زوجة (المنصدم) نفسها وكانت كما يقال: “على سنجة عشرة” لتحرك مشاعره وعاطفته تجاهها، وما هي إلا ثوان حتى مرت عليه وحين رأها ارتبك وذعر، حاول الخروج من الدردشة المفتوحة في الشات ولم يتمكن، بيد إنه كبس على زر F9 وكتم الصوت، لقد كان مرة يتعلم على لاب توب ابنه ومرات أخرى يسرق وقته الدردشة. وقف مبتسمًا لها وأظهر أن عينيه سحرت بمكياجها وزينتها، فأنعسهما مع كلامه:
– أنتِ حسناء دومًا. فلو لم تكوني زوجتي لتقدمت لخطبتكِ حالًا
– لا يمكنني أن أصدقك، فنزعة الكذب هذه فيك منذ أن تزوجتك.
– أنا أكذب على الناس برمتها إلا أنتِ، حبيبتي وحبي وأم أولادي.
– أكاذيبك بكل فحوى ايمانك المغلظة ووعودك المنكوثة أدت إلى فقدان الأمان والحنان والثقة بيننا، معنا وليس معنا قريب منا وفي ذات الوقت بعيد عنا، صببت اهتمامك على مظهرك وإظهار اهميتك الشخصية أكثر من الاهتمام بنا. تمسي وتصبح تتحدث عن ملابسك البالية بكثير من الاشمئزاز، ونهاية هذا القرف يا أيها الكهل المتصابي اشتريت لك ثيابًا جديدة شبابية لا تليق بك ولا بعمرك بل تلائم ابن من ابنائك المراهق منهم.
أعترض عليها قائلًا:
– وأنتِ! أنتِ هدفكِ الوحيد إغوائي بمفاتنكِ المترهلة وعيوب وجهكِ المخيفة بهذه المساحيق الملونة. سترتِ كل شيء فيكِ إلا لسانكِ الوقح الذي يقطر سمًا قاتلًا، في ساعات الصفاء وفي أوقات راحتي تلدغنني به “لقد هرمت وتقدم بك العمر، أصبحت جدًا، ان…..

بمشيئة الله تعالى في وقت لاحق التكملة
الروح/ صفية باسودان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى