مقالات مجد الوطن

فيروزة

 

محمد الرياني

 

فيروزة ترفرفُ عند الباب، لم تكن تعرفُ أني قدمتُ من الحقلِ المجاور، لونُ ثوبي يقتربُ من لونها ، فرحتْ وكأنها علمتْ أني أريدُ استعارةَ شيءٍ من بهائها ، هشَّتْ بابتسامتِها الخاصة، عصفورةٌ رقيقةٌ تريدُ أن تفرحَ في الصباح، تنظرُ من الزجاجِ نحوَ الداخلين والخارجين ، تستمتعُ بسياجها الأنيق ، لم تغرِّد في البدايةِ واكتفتْ بالنظرِ في عيونِ البشوشين القادمين نحوَ المطعمِ الفخم ، فرحتُ وقد خبأتُ بعضَ أحزاني في داخلي، مرةً أخفي مشاعرَ الحزن ومرة تنجلي حالةُ الاكتئابِ وأنا أراقبُ العصفورَ في القفص، تركتُ وجبةَ الإفطارِ واتجهتُ ببصري أستمتعُ بصوتِها في المدخل، بردَ الشايُ الأحمر، اختفى بخارُ وجبةِ الفولِ المقلوب ، شعرتُ أنني بحاجةٍ للبقاءِ طويلًا دون إفطار، لحظاتُ الراحةِ مع العصفورِ الأسطوري دفعتْني للهدوءِ والانتظارِ قبلَ تناولِ وجبةِ الإفطار، في المدخلِ الزجاجيِّ تسكنُ فيروزة، مرةً تغردُ بهدوء، ومرةً تتحركُ مُتعَبةً من اللهوِ البريء، صوتُها الأخيرُ نبهني بأن ألتهمَ وجبتي قبلَ أن ترتفعَ الشمسُ ويصبحَ الإفطارُ في خبرِ الماضي ، استجبتُ لنداءِ الجوع، فرحتُ والطيرُ يشدو وكأنه فرحَ بقراري، بضعُ لقيماتٍ جعلتْني أعرفُ أن الأماكنَ قد تأخذُ جمالَها من جمالِ بعضِ العصافير، بجوارِ طائرِ (فيروزة) كان الصباحُ مختلفا، ظلَّتْ كلُّ نظراتي تراقبُ الطائرَ الجميلَ وهو يرفرفُ والقفصُ يضمُّه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى