مقالات مجد الوطن

جزء اليوم من روايتي: شرارة وبناتها حرائق!!

 

الروح/ صفية باسودان – جازان

حز هذا في خاطر (قناعة)، فقالت بتهكم:
– الكلب ابن الكلب كان يتحرك ولم يتبقى عليه غير النباح.
قلت لها ضاحكة:
– سأذهب به إلى مكان جيد؛ لكي ينفس عن كبته ويعرض مهارته فيه، وسوف ينبح ويمرح حتى يرتاح.
– حقًا؟!
قلت وقد خطر لي أن أستغل الكلام في تسليتنا حتى نصل:
– قرأت ذات مرة عن مثل متداول في تكساس يقول نص هذا المثل: “أصغر الكلاب أشدها نباحًا”، أظن أن كلبكِ كبيرًا بما يكفي ويجيد سياسة الفم المحفوظ، وإذا لم نخرجه من دائرتنا سينقض علينا.. سيعضنا وينهشنا إلى أن يشبع منا دمًا ولحما.
قالت بصوت واقعي:
– وأنتِ لن تمكنيه من هذه الوليمة، فإلى أين ستذهبين بنا؟
– برأيكِ إلى أين؟
– لا أعرف.
– طبعًا إلى المشفى
– ولماذا؟
– لينظر في جهازه الصوتي ويختبر هل هو طليق اللسان أم مقيدًا؟ وما نوع قيده هل هو توحد أم اكتئاب؟ أما السبب فقد يكون ما قد عرفنا عنه سابقًا.. إنه قضى فترة محشورًا في عمود المغسلة مما سبب له كسر عميق في عظمة الفك، فعلقت لسانه فيه قبل أن يلتئم، ومع محاولات الفك فك تعلقه، أعوج لسانه واستطال متدليًا دون بلع إلى الخلف!
قالت (قناعة) في مودة: “إذا عرف السبب بطل العجب”، كانت فلسفتكِ جيدة جدًا وسررت بها ولكن بشأن مسائلة التخلص من الكيس ألا ترين ضرورة التفكير فيها بشيء أكثر استعجالًا قبل أن ينتفخ مرة أخرى؟
هزيت رأسي بالنفي وأنا أحدق إليه بتأمل: لا أظن فهو نائم كالعجلة التي ألم بها تسريب.. هذه المعضلة تحتاج إلى استشاري مختص أعتاد على حلها.
بعد حوالي عشر دقائق وصلنا إلى مواقف السيارات في المشفى وعاد الكيس كما كان عليه.
قالت (قناعة): تبًا له.. هذا غير مضمون البتة.. حصني نفسكِ منه.
كانت (قناعة) تتابع نصحها لي وهي تتلو ما تيسر لها من الآيات، أستئت منها وبصوت ساخط رافض غاضب قلت لها:
– كم أنتِ حمقاء.. طيلة الوقت كنتِ تستدعينه وهو يلبي دعوتكِ، نفخته حتى أرانا قدراته الخارقة.. عبث بنا وارعبنا.. حلق بالسيارة ثم هوى بها، انزلقت حتى كدنا نقلب.
ظلت (قناعة) عدة لحظات تفكر بتجهم ثم تمتمت قائلة:
– هذا الكلب النجس لم اوشوش ولم اوسوس ولم أفعل له شيئُا بيد أنني كنت أحصن نفسي من ثورته الجهنمية التي تحل علينا كلما قرأت.
حل الغيظ محل القهر مصحوبًا بالدموع المترقرقة في عينيها ومن حسن الحظ أن بيت (المقرئية) بالقرب من المشفى. توقفت عن اللؤم، وقلت لها:
– هيا تفضلي أنزلي.. أنتِ ومن معكِ!
– لماذا.. ماذا سنفعل هنا؟ يجب علينا أن نغادر هذا المكان بسرعة.. أخشى أن نتأخر على (الراقية) فنبلغها وهي غارقة في أحلامها العلاجية.
– لا تخافي انها مستيقظة تستقبل النسوة المترددات عليها حتى منتصف الليل. لهذا سنصلي هنا ومن ثم سنذهب إليها.
– ولماذا لا نصلي عندها!؟
– أولًا تمخضي وضعي خراجك هنا.
– ماذا تقصدين؟
– ألم تقولي بإن لديكِ حالة ولادة؟
– نعم.. لكنني لم أقل له بانني بحاجة ماسة إلى المشفى أو إلى طبيبة تولدني.
– لقد فسح الطريق على هذا الأساس، ولعله الآن يتعقبنا؟
– سأخبره بان هذا بيت (القابلة- الداية) التي تشرف على النساء في أوقات الحمل وبعد الولادة.
فتحت باب السيارة وقلت لها: “ليس شرطًا أن يتعقبنا بشخصه”.. وأشرت إلى بابها باسمة، شدت مقضبه، ضحكت وقلت لها: “هيا أنزلي أنتِ وطفلك المدلل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى