مقالات مجد الوطن

جزء من روايتي: شرارة وبناتها حرائق!!

 

الروح/ صفية باسودان – جازان

 

 

أحضرت (الراقية) الأدوات المناسبة لكيسنا.. جردل ودبة ماء متوسطة الحجم.. كانت جاهزة جيدًا لهذا العمل. وضعت في الجردل القطعة القماشية -السروال- ثم أفرغت ما في الدبة عليه، حركت شفتيها دون أن يخرج هواء منها.. لم نسمع صوتًا لها من أي نوع، لم نفهم، أخبرتني نفسي بمدى لهفتها على معرفة ما تبوح به. انتهت (الراقية) مما ربط ورمت بما ربط فيه في سلة القمامة. كان رد فعل (الراقية) مبرمج فكلما غمرتها حالة من الجن إلا وأظهرت قدرتها على التحدي والمنافسة.

اجتاحتنا موجتها الصوتية قائلة ل(قناعة): “أنتِ إنسانة طيبة وربنا يحبك.. ولكن عليكِ أن تثقي بي.. يمكن أحتاجكِ الأسبوع القادم”.

وسرعان ما قالت سيدة من جيل أم قناعة:

– المسكينة ظلمناها!

عندما أقرت تلك السيدة بالضمير المتكلم (نحن) استدرجت شيئًا من ذكريات طفولة (قناعة) المفروضة عليها، فجرت بعض الصور على لسانها: لقد خطبناها من أول مرة شفناها فيها.. منذ كانت طفلة صغيرة تقريبًا كان عمرها في عمر هذه الطفلة ابنة ابنتي.. كنا نريدها لابننا.. لقد تزوج أكثر من واحدة ولم يبقى معه أحدًا الآن إلا ظله.

وسط ذلك الاعتراف قفزت لسان سيدة فوق حاجز الصمت:

– خلاص.. لم يعد يجدي.

لقد تركت (المقرئية) إنطباعًا طيبًا عن (قناعة) لديهن، ولا أعلم أن كان إنطباعًا حقيقيًا أم زيفًا ونفاقًا اجتماعيًا من الصنف الذي يقال عنه “شر ولابد منه”، وفي أثناء تعاطيهن له ودعناهن ووجوههن ضاحكة مستبشرة.

بعد المجهود الشاق شعرنا أننا طلقاء إلى حد كبير منه وتمكنا بعض الشيء من فك تصلب أجسادنا وتشنجها.

قلت ل(قناعة) مداعبة:

– هيا أصعدي يا المحسودة.

كركرت (قناعة)، ثم قالت:

– كان يومًا صعبًا.. الحمد لله.. سلمنا الله منه، اننا متعبتان جدًا وفي غاية الإرهاق والخدر، نحتاج إلى نوم عميق ينسينا عنائه.

كانت مسافة الطريق إلى بيتها أقصر مما استغرقنا في الذهاب ولكنني كنت أخشى أنني لا أرى طريقي.. عندئذ قالت (قناعة) ممازحة: توجد صعوبة في العودة فالكلب ترك أهله وعاد إلينا.

أومأت برأسي وأنا أقول بالضبط.. وبلا أدنى شك هذه المرة سيتنكر في قناع بشري، ثم سألتها:

– لماذا كنتِ تودين تسديد لكمة إلى فضيلة الشيخة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى