مقالات مجد الوطن

المشاعر ( السّريعة ) !

 

بقلم : احمد حسين الاعجم

 

أخ وصديق عزيز وغالي على نفسي قال لي :

ارجوك ..ارجوك

لا عاد ترسل

ولا ترد

ولا تعلّق على رسائلي وحالاتي

( التي تعجبك )

بملصقات جامدة معلّبة لاحياة فيها

انثر احساسك في كلمات

اريد كلمات

لأشعر بحرارة وصدق تفاعلك ياخي !

 

قلت له :

ابشر

والحقيقة انني اتفق معك تماما

فيكفينا ان لوحة المفاتيح افقدتنا الكتابة بالقلم بكل جمالياتها

افقدتنا

طريقة وشكل

رسم الحروف

وكتابة الكلمات

والتي تختلف من شخص لآخر

وتجعل لكل شخص طابعه الخاص وشخصيته المستقلة المميّزة في الخط والكتابة

ومع الكتابة الآلية افتقدنا جزءا مهما من ارواحنا ومشاعرنا وشخصياتنا ومن ارواح ومشاعر وشخصيات احبابنا واصدقاءنا

الا اننا نبرّر لأنفسنا الامر

بأن اختيار الالفاظ والتعابير وطريقة السّياق

لازالت تميّز لنا الاشخاص عن بعضهم!

 

ثم جاءت الملصقات لتفقدنا جزءا اكبر واهم من ارواحنا ومشاعرنا وشخصياتنا ومن ارواح ومشاعر وشخصيات احبابنا واصدقاءنا

حيث افقدتنا لذة وجمال الاحساس بانفسنا وبهم وبمشاعرنا ومشاعرهم الخاصة التي تختلف من شخص لآخر

 

نعم فالملصقات خطر على الاحساس لانها تجعل الناس متشابهين

فالكثير يرسل قهقهة وهو مبتسم

والبعض يرسلها وهو متجهّم !

لكنك لا تشعر فيها ابدا بنبرة الصوت والموسيقى التي تميز ضحكة كل شخص بل وتحمل مشاعره فيها

والكل يرسل ورود وقلوب

رقيق المشاعر يرسلها

والمتبلد يرسلها

والمحب يرسلها

والحاسد يرسلها

ومع علمك باختلافهم في واقع شخصياتهم

الا انك مع الملصقات تشعر بانهم نسخة واحدة!

 

والمصيبة اننا اصبحنا نتقبل هذه الملصقات

بل ونتفهمها ونرضى بها

 

صحيح ان الكتابة الآليّة والملصقات تكتب بخط جميل

وبتعابير جميلة ومختارة بعناية

ومزيّنة برسومات جميلة

لكنها رغم كل ذلك

خالية من الروح والاحساس

لقد اصبحت مشاعرنا كالوجبات السريعة

فالوجبات السريعة تشعرك بالامتلاء فقط

لكنها لا تُشْبع

ولا تفيد الجسم

ومشاعرنا اليوم

وخاصة مع وجود لوحة المفاتيح والملصقات والرسائل الجماعية

والنسخ واللصق

اصبحت مجرد

تسجيل حضور فقط

لكنها لا تُوْصل المشاعر بنفس حرارتها وحيويّتها وصدقها

حتى اني وصلت لقناعة

ان المشاعر هي أول ما ينقرض من الانسان في هذه الحياة

ثم ينقرض هو بعد ذلك من الحياة

وحينما تنقرض المشاعر يصبح البشر كلهم متبلدون

وعاجزون عن الاحساس والشعور

وعاجزون عن التواصل باحساس وشعور

وتخيل وضع الحياة حينها !

 

واعتقد اننا في بدايات هذه المرحلة اعني مرحلة التبلّد

والدليل ان خبراء الذكاء الاصطناعي يقولون اننا لن نحتاج كُتّابا في المستقبل

فكل انواع الكتابة من تقارير وتحليلات وادب وغيرها سيكتبها الذكاء الاصطناعي عبر برامج وتقنيات خاصة !

يا اخي فعلا

الانسان يفقد مشاعره تدريجيا

ويفقد قيمته تدريجيا

وكل ذلك بسبب الثورة التقنية التي لا ندري الى اي حد ستذهب بالبشر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى