مقالات مجد الوطن

(تطوير الذات)

…..

مصطلح تطوير الذات ، ظهر لنا في بداية القرن الماضي..

مفهومهُ واسع جداً يشمل تطوير وتحسين : ( الوعي الذاتي وفهم الذات ، العلم الذاتي ، المهارات ، الهوية واحترام الذات ، قوة المواهب ، الثروة ، التطوير الروحي ، الإمكانيات وفرص العمل ، نوعية الحياة ، الصحة ، الطموح والاستقلال الشخصي ، القدرات الاجتماعية)..

إذاً تطوير الذات هو عبارة عن نشاط ، لتطوير الوعي والهوية والمواهب والإمكانيات ..

وهي أساسية للإنسان في كثير من المجالات ؛ لتُسهّل العمل وتحسّن معيشة الحياة وتساهم في استيعاب الأحلام والطموح..

قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) سورة الرعد آية (11)

وكي نحقق كل ما سبق علينا البدء بتطوير (الثقة بالنفس) ، فِهم الامكانات وطرد الخوف من الفشل والتردد والقلق..

الثقة بالنفس مهارة تُكتسب من البيئة المحيطة بالفرد وقابلة للتعلّم ، والتطوّر ، والتغيير ، ولا تُولد بالفطرة كما يعتقد البعض..

كُلنا نعلم أننا خُلقنا لغاية في هذه الحياة ؛ لخلافة الأرض وإعمارها وعبادة الله سبحانه وتعالى ، وهذا يجعلنا أكثر ثقة بذواتنا وسبب وجودنا ، والعمل على تحقيق ما وُجدنا من أجله..

ولننجح في تطوير ذواتنا علينا تطوير (مهارة التفكير) ..

أولاً : بتحديد أهدافنا بالحياة ، وترتيبها من الأهم للمهم ، واتخاذ القرارات والتخطيط السليم لها ؛ لتحقيقها ..

إن استطعنا تحديد الأهداف فسيتحقق النجاح في أي موقف من المواقف الحياتية..

وثانياً : البُعد عن التفكير السلبي والتوجه للتفكير الايجابي أثناء تحديد وتخطيط وتحقيق الأهداف..

القوة الثلاثية للاتزان والتفكير الإيجابي ( القرار ، الاختيار ، المسؤولية )..

يقول الدكتور إبراهيم الفقي :

“من المحتمل أن لا تستطيع التحكم في الظروف ولكنك تستطيع التحكم في أفكارك ، فالتفكير الإيجابي يؤدى إلى الفعل الإيجابي والنتائج الإيجابية “..

ولتحقيق تطوير الذات نحتاج إلى تطوير ( مهارة فن التواصل مع الآخرين) ، وهنا لا أحتاج لكثرة الحديث ، بل أكتفي بشيء واحد فقط يغنيني عن كل مجلدات الكون في هذا المجال – من كانت علاقته التواصلية مع الله قوية جداً ؛ سهُل عليه التواصل مع الآخرين بجميع فئاتهم العمرية والثقافية والعلمية والأخلاقية – تواصلنا العميق مع الخالق يجعلنا نفهم المخلوقات..

ولتطوير ذواتنا نحتاج أيضاً ، تطوير مهارة (فن الاصغاء والاستماع للآخر)

الاصغاء هو توجيه الاهتمام لما يقوله الطرف الآخر ، ممّا يجعله يشعر بأهميته ومكانته لدى المُستمِع ..

بالإصغاء نفهم الآخرين ونكتشف مشاعرهم وأراءهم وأفكارهم ، وتُساعدنا في بناء علاقات وتواصل فعّاله معهم..

هنا أصل لختام حديثي ، أصبحت مهارة (تطوير الذات) ، مهارة تجارية مادية ، يروّج لها بمبالغ هائلة من حيث ساعات تدريبها أو كتبها المؤلفة المنشورة ..

وتغافل الناس أن المصدر الأساسي لكل مهارات تطوير الذات هو القرآن الكريم ؛ أرقى نموذج في التربية والتوازن النفسي وتطوير الذات :

(وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) البقرة (83)

(الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) ال عمران (134)

(يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأعراف (31)

(فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ۚ) يوسف (77)

(الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)الرعد(28)

(لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) الحجر (88)

(وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) الإسراء (23)

(وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) الإسراء (36)

(وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا) الإسراء (37)

(خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ ۚ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ ) الأنبياء(37)

(وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) لقمان (19)

(فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) الشورى (40)

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) الحجرات (11)

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ) الحجرات (12)

(لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) الحديد (23)

(إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19)إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا(20)وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا(21)إِلَّا الْمُصَلِّينَ)(22) سورة المعارج

وما سبق من تعاليم القرآن غيض من فيض..

كما أن السيرة المحمديّة المعطّرة بأخلاق وتفكير وسلوك الرسول محمد صلّى الله عليه وسلم ، فيها الشيء الكثير من مهارات تطوير الذات..

قال تعالى :(وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ)سورة القلم آية(4)..

وصح عنه – عليه الصلاة والسلام – من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أنه قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)..

.

قارئي : لا تُهدر وقتك ومالك في البحث عن تطوير الذات مع البشر ، ركّز على آيات كتاب الله الكريم وعلى سيرة المصطفى محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ؛ تصل مباشرةً لمبتغاك ..

……………

الكاتبة:أحلام أحمد بكري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى