مقالات مجد الوطن

أشباح

 

محمد الرياني

قمرُ الليلة سيكون حضوره في لوحة الشرف ، شعر أنه أطل ليحيل البطحاء صفحة للكتابة بالأصابع ، تجاوز منتصف الشهر إلا أنه لايزال محتفظًا بكامل سطوعه، لايعرف بالضبط لماذا كان محتاجًا لينظر إلى عمر الشهر الذي تجاوز المنتصف، ربما لأنه نسي شيئًا ما في منتصفه، تعمد أن يغرس قدميه في البطحاء التي ابيضت لدرجة أنه رآها قطعة هبطت من القمر لتسكن الأرض، بدت مساحة الكتابة عنده وكأنها سطور منتظمة تبدأ مع رحلة القمر من الشرق وتنتهي حيث الغروب،  سكنت الأصوات التي كانت تخترق السكون في تلك الليلة، آثر أن يمشي حافيًا حتى يزرع بقدميه على التراب الأبيض قصة القمر الذي دعاه للخروج من أجل دعوة غير اعتيادية للسمر ، أنف عن الاقتراب في الليل من الظلال التي كان يعشقها صباحًا ، تحولت إلى مايشبه الأشباح وتتشكل بأشكال الأشجار الساكنة، حتى تلك الشجرة التي لايفارق ظلها بدت أمامه مثل جانٍّ خرج من الأرض أو من بين الأحراش المجاورة ليعكر عليه الجو الناصع، الطلُّ الذي جعله يجلس على التراب لم ينسه وجهها القمري الذي اعتاد أن يمثل أمامه ليلة الرابع عشر من الشهر ، آخر احتفال لم يكن في موعده فانتصف الشهر ولم يحتفل، بعد يومين من المغيب جاءت لتعتذر عن تذكيره بالوقوف أمامه ، حضر التجلي ليعيد السمر على البطحاء، لم يتأثرا بالظلال الموحشة والأصوات المخيفة التي تنبعث من تحت الأرض، جاء الموعد متأخرًا ليكسر حاجز الخوف، كتبا على الرمل البارد والقمر يتجه نحو المغيب، رأى أن الظلال تتغير، حل الشروق مكان القمر، تركا آثار الأصابع على البطحاء ليكملا النقش مع القمر القادم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى