مقالات مجد الوطن

” بابٌ مُشَرّع”

 

محمد علي مدخلي

كانت الدار في غمرة من الفرح . فجأةً! انتصب جارنا، صارخاً في وجه أبي : الأرض الجنوبية أرضي، و”أعلى مافي خيلك اركبه…!”
غلى الدم في عروقي، أسرعتُ نحوه كالمأفون، بَطَشْتُ به،وجهت إليه لكمة قوية. ارتطم رأسه بالجدار، فخرّ صريعاً…!
امتلأ المكان بالتوتر. مسحتُ العرق عن وجهي، وجثوتُ على ركبتي. وضعت يدي المرتجفة على صدره…. فارق الحياة!.

حُدِّدَت حيثيات القضية وفَحصَ الطبيب الشرعي الجثة.
إصرارُ ابن القتيل على تنفيذِ القصاص، أوصدَ كلَّ الأبواب المشرعة لإقناع أصحاب الدم بالتنازل وقبول الدّية.
أخذوني من العنبر إلى الأدلة الجنائية لمطابقة البصمات، والتصوير وإنهاء الإجراءات القانونية.
حدّثتُ نفسي : انتهى الأمر، ولم يبق سوى الموت .
عدتُ إلى سجني بتثاقل،أجرّ قدميَّ جرّا.
ينسحب ضوء الشمس رويدًا رويدا من النافذة الصغيرة… ويحل الظلام.
تجمدتُ في مكاني متكورا، غارقٌ في لجة لاتنتهي. شعرتُ أني في فراغ كبير، فانتظار الموت أصعب من الموت.
سُعال صدري المتقطع مزّق السكون، شعرتُ بإعياء شديد وضيق في التنفس.
تم نقلي إلى المشفى العسكري.
أظهرت التحاليل إصابتي بمرض كوفيد-19.
أُبْلِغ أهل الدم بأن القضية تأجلت حتى أتماثل للشفاء.
أخبرتني الممرضة بأن ثمة زائرًا في الخارج. رفعتُ بصري صوب الباب الزجاجي.
إنه ابن جارنا!. عرفته من عينيه.
افترت مني ابتسامة بائسة، وددتُ لو يصدقني بأني لم أقصد قتل أبيه.
ظل يحدق بضغينة وسُخط.
طلب الاتصال بي، رفعتُ السماعة بقلق بالغ.
بدا مرتعشًا ومتهدجا،
قال بصوتٍ أبح مكتوم :
“لقد عفونا عنك، لوجه الله “.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى