مقالات مجد الوطن

قائمة طلبات

 

محمد الرياني

هي في المطبخِ وهو في الصالةِ ينتظرها تقدمُ وجبةَ الإفطار، امتزجَ صوتُها مع صوتِ الصحونِ والأطباق، فهِمَ منها بعضَ الكلماتِ التي انسلختْ من بين الأطباق، قالت : إن علبةَ الملحِ على وشك النفاد ، وضع إصبعه على نبضِ يده ، تنهد! الملحُ على وشك النفادِ وهو يتعجب! عرفتُ الآن سرَّ ضغطي المرتفع، نادى عليها بأن تقدِّمَ الوجبةَ بلا ملح، ردَّت عليه بأنه قد تأخرَ في الطلب، واصلتْ طلباتِها، ليس الملحُ هو الذي نحتاجه، دعني أفتح بقيةَ العلبِ والأطباق، آه، هذه علبةُ الحليبِ تقلُّ عن النصف، وهذا الأرزُ لم يبقَ فيه إلا القليل، والسكر، إلا السكر لانريده أن ينقصَ عن شايِ الصباحِ الذي تحتسيه ، أراد أن يُوقفَ طلباتِها، اقترحَ عليها أن يذهبا للإفطارِ في الوادي القريب ويمتعان ناظريهما بالأشجارِ الخضراءِ ولايزال الندى على فروعِها والظلُّ تحوم فيه العصافير، رأتْ في الوادي شجرةً عتيقةً عليها عصافير، قالت : ماذا لو أنَّ في دارنا مثلها، صاحَ فيها، دعي طلباتِك في المطبخ، اتركي الأشجارَ للعصافيرِ في الوادي لتغرِّدَ عليها، توددتْ إليه وهي تضعُ في فمِه لقمةَ الصباحِ بأن يمشي معها نحو الشجرة، تسللتْ نحوَ الظلِّ حيةٌ رقطاءُ وفي فمِها عصفورٌ زاهي الألوان، أبصرَها قبلها فتوقف ، ضربَ كتفَها للتراجعِ وأشارَ إلى الحيةِ وقد همّتْ بالتهامِ العصفور، تناولَ عُودَ حطبٍ غليظٍ وضربَ رأسَ الأفعى فانطلقَ العصفورُ بنصفِ جناحٍ وأمُّه تغردُ فوق الشجرة، قالت له : يبدو أن الحيةَ جائعةٌ في هذا الصباح، رمتْ نحوَها بوجبةِ الإفطارِ التي أحضرتْها لتناولِها، مازحتْه بخبث، يكفيك لقمةً واحدة، دعنا نأخذ فرعًا لنغرسَه في فناءِ الدار، دخلتِ الحيةُ في حفرتِها القريبةِ فألقتْ لها الطعامَ في مدخلِ الحفرة، عاد العصفورُ يتأرجحُ ليلتقطَ الزادَ وعينُه على الجحر؛ بينما هما ينظران للعصفورِ يلتقطُ واحدةً واحدةً حتى شبع ، أخرجتِ الحيةُ رأسَها والتهمتِ العصفورَ بما أكله، سألها إن كانت تريد للأفاعي أن تتكاثرَ في فناء الدار ، رمتِ الفرعَ الذي تريد أن تغرسَه وصورةُأجنحةِ العصفورِ التي هبطت في فمِ الأفعى في عينيها، صمتتْ من الرعب، قال لها أكملي قائمةَ طلباتك، لاتنسي أن نذهبْ غدًا لنقتلع فرعًا من الوادي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى