مقالات مجد الوطن

آية و فنار (ذات حياء و ذو أمانة وخلق)

 

في سورة القصص يقول تعالى (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ۚ فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ ۖ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (25)

خرج موسى كليم الله من مصر و في الطريق كان قد استبد به التعب و الجوع و مع ذلك سقى لامرأتين من البئر، فذهبتا إلى والدهما و تعجب الوالد من سرعة رجوعهما وأخبرتاه بماجرى فطلب من إحداهما أن ترجع إلى مكان البئر و تجلبه إلى أبيها فجاءت إحدى المرأتين اللتين سَقَى لهما تمشي على استحياء إلى موسى، وقد سترت وجهها بثوبها.
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه , في قوله: ( فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ) قال: مستترة بكمّ درعها, أو بكمّ قميصها،
واضعة يدها على وجهها مستترة.
وقيل قد سترت وجهها بيديها.
وقيل ( تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ) أي : بعيدة من البَذَاء.
وقيل انها كانت واضعة يدها على جبينها وقالت له : أبي يدعوك ليثيبَك أجر ما سقيت لنا.
فمضى موسى معها إلى أبيها،.وقال لها: امضي، فمشت بين يديه، فضربتها الريح، فنظر إلى عجيزتها، فقال لها موسى: امشي خلفي ودُليني على الطريق إن أخطأت.
فلما جاء أباها وقصّ عليه قصصه مع فرعون وقومه من القبط, قال له أبوها: (لا تَخَفْ) فقد (نَجَوْتَ مِنَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ) يعني: من فرعون وقومه, لأنه لا سلطان له بأرضنا التي أنت بها.
وقيل أن موسى قال لها : امشي خلفي، وانعتي لي الطريق وأنا أمشي أمامك، فإنا لا ننظر إلى أدبار النساء.
فاقترحت إحدى الفتاتين على أبيها أن يستأجره وأثنت على قوته و أمانته.
وكان اسم إحداهما صَفُّورا, واسم الأخرى لَيّا وامرأة موسى صفُّورا ابنة يثرون كاهن مدين, والكاهن: الحبر.
وقيل كان الذي استأجر موسى ابنُ أخي شعيب يثرون .
وقيل بل اسمه: يَثَرى وهو صاحب مدين.
وقال آخرون: بل اسمه شعيب، وقالوا: هو شعيب النبيّ صلى الله عليه وسلم .
عن ابن عباس, قال: ( قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمِينُ ) قال: فأحفظت أباهما الغَيْرة أن قال: وما يدريك ما قوّته وأمانته؟ قالت: أما قوّته فما رأيت منه حين سقى لنا، لم أر رجلا قط أقوى في ذلك السقي منه وقيل أنه حرّك حجَرا على الركِيّة لم يستطعه ثلاثون رجلا فأزاله عن الركية, وأما أمانته فإنه نظر حين أقبلت إليه وشخصت له فلما علم أني امرأة صوب رأسه فلم يرفعه، ولم ينظر إلي حتى بلغته رسالتك، ثم قال: امشي خلفي وانعتي لي الطريق, ولم يفعل ذلك إلا وهو أمين .
ما أجمل القصص القرآني، فتاة حيية و شاب أمين يخشى الله لا يتمعن في النساء بل يغض بصره تعففا، فكان أن جوزي على هذا الخلق الحسن أن زوجه الأب صفورا و اتفق معه على أعوام من الأجرة و العمل،
هكذا يهب الله لمن يراقبه واليوم يستنكر بعض الشباب ضيق العيش وقلة التوفيق وقد يكون بسبب السلوك المشين و المتجاوز للحرمات، ولهذا شرع الاستغفار لاستدرار الرزق و زيادته برحمة الله، و تأتيك فتاة فتشكو الفشل مع بذل الجهد و الاستذكار و لربما كانت كثرة ذنوبها مانعا عن النجاح و البركة.
النجاح رزق و كذا السعادة و الزواج و المال و الصحة وراحة القلب والذرية و الله يهب الرزق لمن يشاء لكن الإنسان قد يغضب ربه بذنوبه وآفات أفعاله فيحرمه ربي الرزق ليعود وينتهي ويسعى لرضا ربه من جديد.
رب ارزقنا و أنت خير الرازقين.
د. فاطمة عاشور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى