مقالات مجد الوطن

فنار و وهج (غيث العشر)

 

سورة الفجر سورة مكية، وقد بدئت بقسم عظيم :
(وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ }.

فأقسم تعالى بالفجر، الذي هو آخر الليل ومقدمة النهار، لما في إدبار الليل وإقبال النهار، من الآيات الدالة على كمال قدرة الله تعالى، وأنه وحده المدبر لجميع الأمور، الذي لا تنبغي العبادة إلا له، ويقع في الفجر صلاة فاضلة معظمة، يحسن أن يقسم الله بها، ولهذا أقسم بعده بالليالي العشر، وهي على الصحيح: ليالي عشر رمضان، أو [عشر] ذي الحجة، فإنها ليال مشتملة على أيام فاضلة، ويقع فيها من العبادات والقربات ما لا يقع في غيرها.
وفي تفسير ابن كثير:
الليالي العشر المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس ، وابن الزبير ، ومجاهد ، وغير واحد من السلف.
وقد ثبت في صحيح البخاري ، عن ابن عباس مرفوعا : ” ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام ” – يعني عشر ذي الحجة – قالوا : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ” ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجلا خرج بنفسه وماله ، ثم لم يرجع من ذلك بشيء ” .
عن جابر ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ” إن العشر عشر الأضحى ، والوتر يوم عرفة ، والشفع يوم النحر ” .
وعن ابن عباس : ( والشفع والوتر ) قال : الله وتر واحد ، وأنتم شفع . ويقال : الشفع صلاة الغداة ، والوتر : صلاة المغرب، وقيل هي الصلاة منها شفع ، ومنها وتر .
وقيل الشفع أي الاثنين والأربعة والستة ونحو ذلك، والوتر الواحد والثلاثة والخمسة ونحو ذلك، كلها من آيات الله ، جعل شفعًا ووترًا في مخلوقاته جل وعلا وهي من آياته ، السماوات سبع وتر، والأرض سبع وتر، والعرش واحد وتر والكرسي واحد وتر، وجعل أشياء شفعًا كالليل والنهار شفعًا والذكر والأنثى شفعًا وغير ذلك، كما قال سبحانه: (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ) [الذاريات:49].
(وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ) أي: وقت سريانه وإرخائه ظلامه على العباد، فيسكنون ويستريحون ويطمئنون، رحمة منه تعالى وحكمة.
{ هَلْ فِي ذَلِكَ } المذكور { قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ } أي لذي عقل؟ نعم، بعض ذلك يكفي، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

ويقال أن المقسم به هنا هو المقسم عليه و هذا جائز، فهذه الأمور عظيمة عند الله و ما أقسم بها إلا لمكانتها.

وبعد.. أحبتي..

أقبلت الجميلة تختال في روعتها و تفردها، فهي خير أيام الدنيا كما سلف الذكر، و هي استثمار حقيقي لكل ثانية تصرف بها الحسنات و الأجور،
عشرة أيام لايهدرها ذو نهى.
ودائع من ثواب تحفظ و ترصد في كتاب كل منا، فهل من مستثمر.؟! .
غيث منهمر في سلاسل من وابل من سحابة شهر ذي الحجة، هلا تمتعنا بهذا الغيث كما يلي :
*أول الغيث و أهمه قطرات هي الدعاء الصادق لله بالتوفيق للعمل الصالح و تيسيره.
* ثم يأتي هتون الذكر وطل التكبير المطلق فيغسل القلوب بردا وسلاما.
* و مايلبث وابل النور أن ينهمر مع صيام التسع وختم مصحف فيها.
* وتهب رياح الخير ببرق منير هنا وزخات من برد هناك مع بذل الصدقات و تفريج الكربات وعمل القربات في هذه العشر السخيات.
سحب العشر حبلى بالأجر فلا تحرمن نفسك خير مخاضها،
و مايلبث القلب أن يزهر و يهتز و ينبت من كل أجر بهجة و شعور بالرضا.
* الدعاء و ما أدراك ما الدعاء، إن لم تكن العشر
داره فمتى مآله.

رب أغثنا بالتقرب إليك بذلا بكل عمل صالح في هذه العشر، وتقبل إنك حميد مجيد.

د. فاطمة عاشور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى