مقالات مجد الوطن

تكملة الجزء ٣٢

 

أعترض عليها قائلًا:
– وأنتِ! أنتِ هدفكِ الوحيد إغوائي بمفاتنكِ المترهلة وعيوب وجهكِ المخيفة بهذه المساحيق الملونة. سترتِ كل شيء فيكِ إلا لسانكِ الوقح الذي يقطر سمًا قاتلًا، في ساعات الصفاء وفي أوقات راحتي تلدغنني به “لقد هرمت وتقدم بك العمر، أصبحت جدًا، انتهت فترة صلاحيتك ولم تعد تقو على العمل” وأنتِ لم تفكري لحظة وقوفكِ أمام المرآة أن تمعن عينيكِ الضيقتين النظر فيكِ حتى تغلقهما قسرًا وتشرعين في لعق جسدكِ ذو الرائحة الكريهة وتذوقين منه طعم العفن إلى أن ينتهي بكِ إلى شفا حالة من الغثيان فتتقين ما كان خارجًا إلى الداخل، آنذاك وقبل أن يستقر ستبلغكِ زناخته أنكِ شيعتِ شبابك ولم تعدِ تنعمين بصباك.
ثم رفع اللاب توب وضمه إلى صدره، وهو يقول: “ما الفرق بيني وبين ولدي؟ ذنبي انني تزوجت هذه اللعينة صغيرًا قبل أن أعرف ما هو الحب؟
تراجع قبل أن يحط قدمه ويقيس بها مساحة أرض الغرفة اشبارًا، ثنى نفسه عن الخروج.. طوى رجليه ثم تربع في جلسته بعدما فكر: “لو خرجت سيقولون عني الناس إنه عاد لطبعه وتسكعه في الشوارع.. إنه غير نافع للزواج وستطير مني حبيبتي قناعة للأبد”.
طبطب على الأريكة وطلب من زوجته أن تجلس جواره، ثم أبدل كلامه الحاد القاطع كالسكين إلى لسان هر أليف، وبدأ يعض أصابع الندم – كما يقال – على ما تفوه به، وهو يلثم يديها تارة وتارة أخرى يطلب منها الصفح والغفران على وقاحته، وأن اتهاماتها الباطلة له أغضبته فتدفقت منه العبارات القبيحة التي كانت بمثابة مدفعية يحمي بها نفسه المظلومة كما يسميها. كان تعامله معها يتأرجح ما بين آلتين كهربائيتين هوائيتين مرة كالمكنسة يشفط ما علق به ومرة ثانية كالمروحة يطرد ما خف ورمي تحته. لذا، كلما هاجمته حاججها بما اشتق من قولها واضاف إليها مفاجأته الحلوة وقلب كل ما كان ضدها كالسياسي الذي يقلب الطاولة والكراسي وكل ما كان أمامه ضد خصمه تاركًا له سداد فواتيرها.
لم يدع لها فرصة للتحقيق معه كالمتهم الذي لم يثبت إدانته بعد، قال لها:
– أفهمي أنتِ أجمل جميلات البلدة، معروفة في ارجاءها بخلقكِ وحسنك الخلاب، الجميع يحسدني عليكِ، فلا تجعلين النسوة اللواتي تغرن منكِ أن يختلقوا الأكاذيب ويألفوا القصص الخيالية عننا، أما بالنسبة لغضبكِ الذي لا داعي له إلا انعدام الاطمئنان، فأنا سأطمئنكِ حتى يستريح قلبكِ فقد نويت أن اشتري لكِ كل الذي تشتهيه نفسكِ وتتمناه، وسوف يكون ذلك من البلدان التي سنسافر إليها. كل نهاية أسبوع سنقوم برحلة قصيرة أنا وأنتِ وأطفالك وفي الاجازة الكبيرة سوف نلف الدنيا بمفردنا أنا وأنتِ والهوى ثالثنا إلى المكان الذي تختارينه وتحلمين بزيارته.
– أخشى أن تتلاعب بي وهذا أمر لا يغتفر.
– هذا الأسلوب أفضى بنا إلى المشاكل التي أحاول أن أحلها معكِ الآن، ارجو أن تنسيه ولنبدأ صفحة جديدة ناصعة البياض.
تبسمت له وقالت:
– حسنّا، سأذهب لأجهز الغذاء.

الروح/ صفية باسودان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى