مقالات مجد الوطن

النوستالجيا

 

هل تساءلت يومًا عن سر ما يُسمونه بالحنين إلى الماضي ؟!

ذلك الماضي الذي تزعم أنه جميل!!!
وتزعم أن الناس كانوا أنقياء وطيبين!!
وأن القيم والمثاليات كانت موجودة!!
وأن المبادىء والأخلاق الحميدة كانت هي السائدة!!
ماهو السر؟!
ماهو ذلك الشعور الذي يُطاردك عندما تزور بيتك القديم الذي شهد أيام طفولتك أو شبابك، تلك الرائحة المألوفة، ذلك الاطمئنان الذي تشعر به عندما تذهب إلى مكانٍ ما بقي جزءًا من الماضي، غرفتك القديمة أو الصور العائلية أو متعلقاتك الشخصية القديمة.؟!

هل جربت يومًا أن يلتقطك الخيال إلى زمنٍ قد انقضى بالفعل ولكنك تنتمي إليه بكل جوارحك؟
زمن الطفولة الخالي من المسؤوليات والمخاوف والراحة وتلك الأيام الدافئة، عندما كان كل شيء جيد وكان الجميع سعداء!!!!

هل كانوا سعداء حقًا ؟!
وتتمنى لو أنك تستعيد تلك الحياة ولو للحظات. إذًا، أنت هنا في حالة الحنين إلى الماضي (نوستالجيا)..

نعم أنها حالة نفسية تختلف من شخص إلى أخر وهي داخل النفس البشرية عمومًا ولكن قوتها تختلف بأختلاف عوامل كثيرة..

ولكن السؤال الهام لماذا نرى الماضي جميل؟!
أولًا لأنك كُنتَ قويًا من الناحية الصحية والجسدية
ثانيًا لم تكن لديك مسؤوليات وهموم ومتاعب
ثالثًا كُنت في راحة نفسية حتى وإن كنت في متاعب جسدية
رابعًا لم تكن لديك مخاوف من المستقبل ومن المجهول والمهام والارتباطات
خامسًا لديك ثقة بالآخر ونقصد به المجتمع و الناس بل كنت تثق بالجميع وعلميًا كلما انخفضت الثقة كلما ازددات حالة النوستالجيا..

ولكن ماهي النوستالجيا: كلمة النوستالجيا “Nostalgia” تعني الحنين، وصِيغ هذا المصطلح لأول مرة في عام 1688 (القرن السابع عشر)، من قِبل طالب طب سويسري يُدعى “يوهانس هوفر”، وقد اشتق هوفر هذا المصطلح من كلمتين يونانيتين قديمتين وهما: “Nostos” (تعني العودة إلى الوطن) و”algos” (تعني ألم أو وجع..

من ناحية أخرى لنكن واقعيين أكثر
الحسد موجود منذ عهد أبونا أدم عليه السلام والقتل موجود وكلنا يعرف قابيل وهابيل ،وهما أول ابنين لآدم وحواء. كان قابيل عاملاً بالأرض أما هابيل فكان راعياً للغنم، وفي يوم قررا أن يعبدا الله فقدما قرابين.
ولم يقبل الله عزوجل قربان قابيل فأغتاظ قابيل جداً وسقط وجهه. فقام على أخيه هابيل في الحقل وقتله..

لو رجعنا للتاريخ القديم لوجدنا القتل والنهب والظلم والكذب موجود في كل مراحل التاريخ البشري على أمتداده يزيد وينقص ..

ربما بعد بعثة خير الورى عليه الصلاة والسلام واستقرار الدولة الاسلامية كانت هنالك فترات كانت القيم الاسلامية والإنسانية سائدة ثم تتغير الأحوال.
لماذا نذهب للماضي البعيد لو نظرنا لتاريخ الجزيرة العربية قبل قيام الدولة السعودية حفظها الله .

كانت السائد في الجزيرة العربية قبل توحيد الملك عبدالعزيز رحمه الله للدولة هو القتل والنهب والسرقات لم يكن هنالك أمان ولا سلام ..

إذًا الماضي الجميل والزمن الجميل وزمان الطيبين في عقولنا فقط ..
نعم ولا ننكر ذلك أن هنالك قيم كبيرة ومبادئ وأخلاق في الأباء وكان الصدق منتشر ولكن بالمقابل هنالك العديد والعديد من الحالات متنافية مع أبسط المبادئ والقيم ..

نتفق جميعاً الآن أن الذكريات جميلة والماضي مبهج، ولكن الماضي لنتذكره وليس لنعيش فيه لأنه انتهى، وأنسب طريقة للتعامل مع النوستالجيا وجني فوائدها وتجنب عواقبها هي أن تتذكر الماضي مع حفظ الحاضر، تَذكر ماضيك واصنع حاضرك ومستقبلك، ولا تتوقف عن خلق ذكرياتٍ لنفسك تلجأ إليها في المستقبل، وهذا يُسمى “النوستالجيا الاستباقية”، أما الخلل فسيأتي عندما تنشغل بالتفكير في الماضي وتتوقف عن ملء خزان الذكريات الذي ستتصل به في المستقبل لأنك دائمًا ستحتاجه. ولتستمر في بناء غدًا مشرق لك ولمن حولك ..

الخلاصة
نحن بخير بل في واقع ربما هو الأجمل والأفضل ونحن في نعم من الله عزوجل لا تُعد ولا تُحصى لم يحصل عليها من سبقونا وربما لا تكون بنفس الجودة والسهولة في مجتمعات أخرى او أجيال قادمة ،ولنجعل نظرتنا للواقع أنه جميل وان المستقبل بتوفيق الله عزوجل سيكون أجمل وأجمل ولنغرس ذلك في نفوسنا أولا ثم في من حولنا وخصوصًا الأبناء والأجيال القادمة وكلما تباكينا على الماضي كانت الحياة سوداوية وكلما ازددات ثقتنا بالله عزوجل كلما كانت حياتنا جميلة وسعيدة ومشرقة..

دمتم بود ..

د/علي بن مفرح الشعواني …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى